Intikasat Muslimin
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Genres
الأخ أبو الفتوح لا يتصور من أخ مسلم غير الصدق والأمانة فقط لأنه أخ مسلم، ولو كان يقصد الإخوان وحدهم فهو يصورهم لنا مجتمعا من الملائكة الأطهار، وهو بمقارنته بالواقع يظهر كلامه مجرد شعر فخر كاذب، فلا هو تخر له جباه الجبابرة والملوك ساجدين، ولا هو حقيقة، هو مجرد شعارات ترويجية ليس أكثر، ألا ترونهم يعلنون تحريم الربا ويتحايلون عليه ألف حيلة في بنوك إسلامية هي ربوية بالكلية وإلا سقطت وانهارت بين بورصات الأوراق العالمية. ويفعلون وهم يعلمون، «ويل للذين يحرفون الكتاب بأيديهم وهم يعلمون»، ويخادعون ربهم علنا عيانا بيانا، فأي مرض عصبي وعقلي لحق بالضمير المسلم؟!
يتكلم قرضاوي وأبو الفتوح عن الشرف، لكنهما لا يعلنان انتهاء العمل بأحكام آيات انتهى زمنها، لا يعلنان انتهاء زمن هتك عرض غير المسلمين والسبي.
يتكلمان عن الحريات ويقيمان علم فقه كامل للعبودية يدرسه عيالنا في المدارس الدينية حتى اليوم.
يتكلمان عن حقوق الإنسان وهو مفهوم معاصر لم يكن في تاريخنا ولا تاريخ غيرنا في تلك الأزمان، وفي الوقت ذاته لا يعترفان بأي حقوق لغير المسلمين، فهم كفار، إنهم خارج الإنسانية؛ فالإنسانية للمسلمين وحدهم.
يتحدثان عن حق الأمن والسلام ويريان أوطان غيرهما ديار حرب، ومن الشرع في أرفع الدرجات الاعتداء على غير المسلم وقتله وسلبه ونهب وسبي عياله ونسائه حسب عقيدة الولاء والبراء، والجهاد.
الشيخ المسلم وهو يكذب على نفسه وعلى المسلمين، سواء أكان مرجعية داعية للجميع مثل قرضاوي، أم عنصرا سياسيا حركيا مثل أبي الفتوح، يتحول إلى نصاب من وجهة نظر القيم الأخلاقية، أليس نصابا من يعطي قيمة لشيء ويسلبها من مثيله؟ أليس أفاكا من يعلن على رءوس الأشهاد منحه القيم لهؤلاء وسلبها من هؤلاء، بينما هو يمنح شيئا ليس بيديه ليميز به بشرا لا يستحقون عن بشر يستحقون، أترون إلى أين وصل الخبال بالعقل المسلم؟! إن من لا يملك يعطي من لا يستحق ببساطة وخفة وعلى رءوس الأشهاد جهارا نهارا، بالكلام والبلاغة، فنجرة بق، مجرد كلام لا أصل من واقع له. إن من يعلن نفسه مانح القيم أو صاحبها الأصلي هو نصاب أشر؛ لأن القيمة الأخلاقية ليست ملكية خاصة لقوم دون قوم، وليس فيها عرب وعجم، القيمة هي جزء أصيل في الموضوع أو في الواقع، وتظهر إلى الوجود عندما يتم اكتشافها وتفعيلها في أي مكان أو زمان، بينما المسلمون يمنحون أنفسهم القيم منحا كريما وسخيا إلى حد الابتذال؛ لأن العاطي في هذه الحال هو رب المسلمين الذي خص أمته وحدها بالخير دون بقية عيال الله في الأرض جميعا، وأعلنها خير أمة أخرجت للناس.
وهكذا هو ينفي القيم الأخلاقية الموجبة عن غير المسلمين جميعا؛ لذلك يتحدث عن حقوق الإنسان لكنه لا يعطي المرأة في بلادنا حقوقها كالذكر من باب العدالة؛ لأن هذا الحق تحديدا ظهر عن الغربيين وهم بلا أخلاق لأنهم غير مسلمين، وبهذه الطريقة ينفي الرقي عن قيم غير المسلمين لأنها عنده لا تخضع لمعيار الصواب والخطأ والنفع والضرر والخيرية والشرية، إنما تخضع لمعيار الحلال والحرام كمنظومة قيمية ربانية ثابتة لا تقبل تغيرا أو تطورا. هنا سيكون الكلام عن حقوق الإنسان كحريته في اختيار معتقده، أو حريته في نقد دين من الأديان كعمل بحثي أكاديمي، أو نقده لبقاء فقه الرق حتى اليوم في معاهدنا الدينية، سيكون ذلك كله فهما غربيا في بلاد يعيش أهلها «حياة بهيمية»، كما يصفهم كما التوحيد المقرر على أول ثانوي بالسعودية المباركة. ومثله بالضبط سيكون الكلام عن الحرية هو قولا كفريا ضد الدين؛ لأن الدين فيه فك رقبة! فكيف سنفكها إن لم نفعل فقه الرقيق ونعمل به حين نعيد فتح البلاد لأنوارنا؟ الخلل حادث نتيجة القيم منح لأنفسنا وسلبها من غيرنا، فلا نفهمهم ولا يفهموننا، ونتحول إلى عالمين متباعدين في وقت تتوحد فيه الأرض كلها، الخلل أن المسلم لا يدرك أن الحرية كقيمة أو أي قيمة أخرى لا علاقة لها بأي دين، لأن القيم بما نفهمها من قيم اليوم الراقية لو كانت موجودة في أي دين لأمر بتحريم الرق فورا وهو ما لم يفعله أي دين لأن منطق زمانه ونظم عصره كانا على غراره.
وما زالت لنا وقفات ربما ستطول مع القيم الأخلاقية والمسلمين. (1) قيمة الوفاء بالعهد (صحيفة المعاقل كنموذج أول)
ما قرأت عملا حديثا صادرا في مصر عن فلسفة القيم، إلا ابتدأ تصديره بالقيم الإسلامية السامية؛ وهو ما يعني أن قيم الآخرين ليست كذلك. وهو أمر متواتر حتى بين أهل الفلسفة وعلمائها المتخصصين، تجده يحيلك أولا على قيم الإسلام بالضرورة، ليعود بعد ذلك معلما أكاديميا يشرح القيم الإنسانية «الإكسيولوجية»، ناسيا أنه لم يعد هناك محل لبحث جدي، بعدما أثبت للقيم الإسلامية وحدها في تصديره، كل الإيجابيات التامة الجامعة المانعة.
تجدهم في علم الاجتماع قد صاروا كذلك، في الفيزياء (سبحان الله) وصحة القوانين العلمية (بمشيئة الله)، والجغرافيا والفلك، وباء انتشر، كتب علم النفس تتصدر باحاتها آيات وأحاديث وردت فيها كلمة النفس عرضا. حتى الطب لم ينج من المصير ذاته، يبدأ صاحب المرجع الطبي مرجعه بالآيات
Unknown page