لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (٣٢)
الانتهاض في ختم «الشفا» لعياض
تأليف
الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت ٩٠٢ هـ)
دراسة وتحقيق
عبد اللطيف بن محمد الجيلاني
ساهم بطبعه بعض أهل الخير من الحرمين الشريفين ومحبيهم
دار البشائر الإسلامية
Unknown page
جميع الحقوق محفوظَة
الطبعَةُ الأولى
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
دارَ البشائر الإسلامية للطّباعَة وَالنشر والتوزيع
هاتف: ٧٠٢٨٥٧ - فاكس: ٧٠٤٩٦٣/ ٠٠٩٦١١
بيروت - لبنان ص ب: ٥٩٥٥/ ١٤
e-mail:[email protected]
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وبه ثقتي
المُقدِّمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا جزء لطيف، وتعليق طريف، ألّفه الحافظ الناقد البارع أبو الخير شمس الدين محمَّد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي (٩٠٢ هـ) برسم الانتهاء من إقراء كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ﷺ، لعالم المغرب الشهير القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت ٥٤٤ هـ).
وقد جَرَتْ عادته ﵀ أن يصنِّف ختومًا للكتب التي قام بإقرائها وتدريسها، وكان ﵀ قد أقرأ كثيرًا من كتب الحديث والسيرة وجملة من تصانيفه، لا سيَّما عند مجاورته بالحرمين الشريفين مكة والمدينة، وَأَسَاسُ تصنيفِ تلك الختوم هو مجلس ختم الكتاب المقرر إقراؤه.
1 / 3
وكانت مجالس الختم من المجالس العلمية المشهودة، والمحافل العلمية المحمودة، حيث يتناول فيها الحافظ السخاوي بعد الانتهاء من تدريس الكتاب طَرَفًا من منهج المؤلف في كتابه، وَيُبَيِّنُ خصائص الكتاب، ومزاياه، وَيُعَدِّدُ مناقب مؤلفه، وَيَسْرُدُ أسانيده إليه، وَيَنْثُرُ في غُضُونِ ذلك إفاداتٍ علميّة متنوعة، ولم يكن يَتَخَلَّفُ عن تلك المجالس كَبِيرُ أَحَدٍ، فكان يحضرها الأمراء والأعيان، وَتُنْشَدُ فيها القصائد (١).
يقول السّخاوي: "وكان لكثير من ذلك -أي الكتب التي أقرأها- ختوم حافلة، ورسوم أرجو أن تكون للقبول شاملة" (٢).
وقد ألّف السخاوي هذا الختم المبارك بمكة في رمضان عام
٨٩٣ هـ (٣)، وله خَتْم آخر على الشفا بسط فيه القول وتوسّع فيه كثيرًا واسمه: "الرياض في ختم الشفا لعياض" (٤)، وقد اعْتَادَ السّخاوي إقراء ختومه للطلبة بالمسجد الحرام (٥)، ويبدو أن هذا الختم من ضمنها.
ويشاء الله تعالى أن تتجَدَّدَ قراءته بعد مضي أكثر من خمسة قرون بالمسجد الحرام أيضًا، فقرأته ليلة السابع والعشرين من رمضان عام (١٤٢١ هـ)
_________
(١) إرشاد المناوي بل إسعاف الطالب الراوي بترجمة السخاوي للمصنف ل ٦٥/ أ (مخطوط).
(٢) المصدر السابق.
(٣) كما في آخر المخطوطة.
(٤) وهو مخطوط، له نسخة بالمدينة وأخرى باليمن، وسأعمل إن شاء الله على إخراجه في القريب العاجل.
(٥) انظر إرشاد المناوي ل ٦٤/ أ، وه ٦/ ب، و٦٦/ أ، و٨١/ أ.
1 / 4
في صحن المسجد تجاه الكعبة المشرفة مع ثلة كريمة من أهل العلم والفضل (١)؛ ليكون حلقة ضمن سلسلة الأعلاق النفيسة، والرسائل القيمة المفيدة؛ التي تصدر عن "لقاء العشر الأواخر من رمضان في المسجد الحرام".
وَيُعَدُّ هذا الختمُ وثيقةٌ مهمّة، وشهادةً جليلة، بِعُلُوِّ كَعْبِ القاضي عياض، ونَفَاسَةِ كتابه الشفا، فقد أثنى السّخاوي على القاضي عياض وكتابه المذكور ثناء عاطرًا، وأورد قصائد ومقطوعات في ذلك، ثم ذكر أسانيده إلى كتاب الشفا.
ولا يخفى على أحد مكانة كتاب الشفا بين المصنفات في موضوعه، فهو من أهم المؤلَّفات في السيرة النبوية، وقد كتب الله له القبول والذيوع فحمله الناس عن مؤلفه واستمدوا منه، وطارت نسخه شرقًا وغربًا، وأقبل الناس على قراءته عَجَمًا وَعُرْبًا، ولا غَرْوَ في ذلك، فقد أبدع فيه مؤلفه كل الِإبداع، وأجاد في تصنيفه وترتيبه، وكل من حقق نظره في تدقيقه، ودقق فكره في تحقيقه، سلّم بأن ذلك منحة ربانية خصّ الله بها هذا الِإمام، وحلاّه بها، وما أحسن ما قال القائل: كُلُهُمْ حَاوَلَ الدَّوَاءَ وَلَكِنْ ... مَا أَتَى بِالشِّفَا إِلاَّ عِيَاضُ
_________
(١) منهم الشيخ المطلع النابغة المحقق محمَّد بن ناصر العجمي، والشيخ العلَّامة نظام بن محمَّد صالح يعقوبي، والأستاذ الدكتور اللغوي المطلع عبد الله بن حمد المحارب، والأستاذ المحقق الناشر رمزي دمشقية، والأستاذ الفاضل هاني بن عبد العزيز ساب، وغيرهم من الأفاضل حفظ الله تعالى جميعهم، ووفقهم لما يحبه ويرضاه.
1 / 5