Al-shafāʿa fī al-ḥadīth al-nabawī
الشفاعة في الحديث النبوي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
يقول صاحب الظلال: «كانت فرقانًا بين عهدين في تاريخ الحركة الاسلامية: عهد المصابرة والصبر والتجمع والأنتصار، وعهد القوة والمبادأة والاندفاع ... والاسلام بوصفه تصورًا جديدًا للحياة ومتجهًا جديدًا للوجود الانساني ونظامًا جديدًا للمجتمع وشكلًا جديدًا للدولة بوصفه اعلانًا عامًا لتحرير "الانسان" في "الارض" بتقرير الوهية الله وحده وحاكميته ومطاردة الطواغيت التي تغتصب الوهيته وحاكميته .... الإسلام بوصفه هذا لم يكن له بُدٌّ من القوة والحركة والاندفاع لأنه لم يملك ان يقف كامنًا منتظرًا على طول الامد ... وكانت فرقًا بين عهدين في تاريخ البشرية، فالبشرية بمجموعها قبل قيام النظام الاسلامي هي غير البشرية بمجموعها بعد قيام النظام ..» (١).
ثانيًا: بيعة الرضوان: "بيعة الشجرة":-
وتبرز أهمية البيعة اولا حينما نزل القرآن يبشرهم «إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرًا عظيمًا» (٢)، ثم انزل بعدها «لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحًا قريبًا ....» (٣)
وإنما كانت البيعة: لما أعلن النبي ﷺ توجهه إلى مكة معتمرًا، تبعه جمع كبير من المهاجرين والانصار بلغ عددهم "الفًا واربعمائة" تقريبًا، واعلن -كذلك- المنافقون وكثير من الاعراب تخلفهم عن هذه العمرة لانهم "عرفوا ان أهل مكة سوف يقاتلون محمدًا ﷺ امرَّ القتال وانه إذا ابى إلا زيارة البيت كما اعلن فلن تدعه قريش حتى تهلكه أو تهلك هي دون ابلاغه مأربه فهي عمرة محفوفة بالاخطار في نظرهم والفرار منها اجدى!! ولو فُرض ان الرسول ﵊ -نجح في مقصده هذا فالاعتذار اليه بعد عودته سهل: «سيقول المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلونا فاستغفر لنا ...» (٤).
(١) في ظلال القرآن٣/ ١٥٢١ - ١٥٢٢بتصرف يسير جدا، وانظر فقه السيرة، محمد سعيد رمضان الأبوطي١٧٥، والمنهج الحركي للسيرة النبوية، محمد منير الغضبان ١/ ٢٤٠.
(٢) الفتح/١٠.
(٣) الفتح/١٨.
(٤) الفتح١١.
1 / 148