52

Insan Hayawan Ala

الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية

Genres

ومن الناحية العلمية، ثمة احتمالات أخرى لهذا النوع من المزج وبصفة خاصة ما نسميه «الكمير» و«زراعة الأعضاء». (1-1) الكمير وزراعة الأعضاء

يكمن الكمير في زراعة أنسجة من جنس آخر داخل جنين في الوقت الذي لم تتكون فيه بعد آليات الرفض المناعي، وهو عبارة عن زراعة عضو في سن مبكرة للغاية مما يسمح للأنسجة المزروعة بالنمو داخل الجسم. وهكذا نحصل في مرحلة البلوغ على نوع من «فسيفساء» الأنسجة التي ينتمي بعضها إلى الحيوان الأصلي والبعض الآخر إلى الأنسجة المزروعة. وهكذا استطاعت عالمة الأحياء الفرنسية نيكول لودواران

1

الحصول على كمير «من السمان والدجاج» بإضافة خلايا من السمان في أجنة دجاج. وجرت محاولات أخرى بما فيها محاولات بين الطيور والثدييات. وفي المقابل يبدو أنه لم تجر حتى الآن أي محاولة باستخدام الأجنة البشرية مما قد يفرض مشاكل عرقية جسيمة. ولكن يجب ألا نستبعد أن يستخدم بعض العلماء المنحرفين هذه التقنية من أجل هذا الغرض.

أما زراعة الأعضاء فتكمن، من الناحية التي تخصنا، في إدخال «عضو حيواني» في جسم إنساني في وقت تكون فيه آليات الرفض المناعية مشكلة بالفعل. ومن أجل أن يبقى العضو المزروع في الجسم المستقبل يجب أن يحصل الجسم بصفة عامة على جزيئات «مضادة للرفض» تقلل من دفاعه المناعي. وفي هذه الحالة، وعلى عكس ما يدور في الكمير، لا ينمو العضو المزروع ويكتفي «بالإقامة» في الجسم المستقبل للحصول على الآثار النفسية المشابهة لتلك التي تنتج داخل الجسم الأصلي. فهو يمثل إذن «عضوا بديلا» يفترض أن يكون مفيدا من الناحية العلاجية لتعويض نقص ما أو غياب عضو لدى الجسم المستقبل. (1-2) نقل الأعضاء من حيوان إلى إنسان

يوجد كما نعلم العديد من عمليات نقل الأعضاء بين البشر (نقل الكلى والقلب والوجه واليد والقرنية ... إلخ، ويعتبر نقل الدم أيضا نقلا لعضو سائل وهو الدم). أما نقل الأعضاء الحيوانية فيعتبر أكثر ندرة ومحلا للعديد من الأبحاث التي لم يستخدمها الإنسان حتى الآن؛ لذا يسعى العلماء إلى استحداث عمليات نقل أعضاء من خنازير إلى قرود، ويأملون في التوصل إلى تطبيق ذلك على الإنسان على المدى البعيد. وخلافا لنقل الأعضاء بين أبناء الجنس الواحد، يطلق على نقل الأعضاء بين الحيوان والإنسان (أو وفقا للنموذج التجريبي هنا، بين الخنازير والقرود) نقل الأعضاء بين الكائنات الحية الذي قد يكون فيه الإنسان هو المستقبل.

يسبب نقل الأعضاء الحيوانية إلى الإنسان مشاكل كبيرة. فعلى المستوى الصحي: يزداد خطر انتقال الأمراض بين الحيوان والإنسان، لا سيما حين يتعلق الأمر بالفصائل الأكثر قربا منا مثل القرود؛ لذا تستهدف الأبحاث حول الأعضاء المزروعة الخنازير كحيوانات أصلية تؤخذ منها الأعضاء بدلا من القرود. إلا أن خطر الرفض كبير أيضا بل أكبر مما قد يكون عليه بين اثنين من البشر، لدرجة أن العلماء حاولوا دون جدوى جعل أنسجة الحيوان الأصلي أكثر تلاؤما مع الأنسجة البشرية. وتمثل أيضا عمليات نقل الأعضاء بين الكائنات الحية مشكلات أخلاقية، وذلك ما حللته بدقة الفيلسوفة فلورنس بورجا؛

2

فقد لاحظت أن الاعتبارات الأخلاقية تتعلق دائما بخطر تحول الجسم البشري إلى شبيه للحيوان بصورة كبيرة، كما لو كان ثمة خطر من المزج بصورة مبالغة بين الجسم البشري، الكائن السامي، والجسم الحيواني الذي يعتبر «نموذجا للانحطاط»،

3

Unknown page