Innovations and Their Impact on the Deviation of the Islamic Concept
البدع وأثرها في انحراف التصور الإسلامي
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
للأمة، كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ﵄ قال، قال رسول الله ﷺ: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم".
ومعلوم أن نبينا ﷺ هو أفضل الأنبياء وخاتمهم، وأكملهم بلاغًا ونصحًا، فلو كانت هذه البدع التي أحدثها المخالفون من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيّنه الرسول ﷺ للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه ﵃، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هي من المحدثات التي حذر الرسول ﷺ منها أمته، كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة، منها ما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، بسند صحيح، عن أبي نجيح العرباض بن سارية ﵁ قال: "صلى بنا رسول الله ﷺ ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع فأوصنا، فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبدًا حبشيًا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
وروى مسلم في صحيحه كان النبي ﷺ يخطب الناس على المنبر ويقول: "أما بعد- فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". زاد النسائي "وكل ضلالة في النار".
وروى البخاري ومسلم عن أنس ﵁ قال: "جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي ﷺ يسألون عن عبادة النبي ﷺ، فلما أخبروا بها كأنهم تقالُّوها، فقالوا: أين نحن من النبي ﷺ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم- أما أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم النهار أبدًا ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء النبي ﷺ إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني أخشاكم لله، وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".
ولا ريب أن من أحدث عبادة من عند نفسه لم يشرعها الله قد رغب عن سنة رسول الله ﷺ، ومن أعظم ما جاء من الوعيد في ذلك أن صاحب البدعة يحال بينه
49 / 63