401

Al-Injād fī abwāb al-jihād wa-tafṣīl farāʾiḍihi wa-sunanihi wa-dhikr jumal min ādābihi wa-lawāḥiq aḥkāmihi

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

Editor

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

Publisher

دار الإمام مالك

Publisher Location

مؤسسة الريان

Genres

Law
وقولٌ ثالث شاذ: أن يسهم لكل فرس مما دخل به سهمان؛ روي ذلك عن سليمان بن موسى (١) .
فأقول: قسم الغنيمة إنما هو على ما ملَّكه الله -تعالى- الغانمين، وإنما ملكهم ذلك على حدِّ السواء، حيث أضافه إلى جملتهم من غير تفصيل، فوجب أن يكون القسم على التسوية؛ إلا حيث خُصص من الدليل الشرعي، وقد ثبت بالسنة والإجماع أن يسهم لفرسٍ واحد (٢)، فكان إخراج أكثر من ذلك من جملة

= ونقل القاضي عبد الوهاب في «المعونة» (١/٦١٥)، وفي مختصر «عيون المجالس» (٢/ ٧٠٤) خلاف أبي بكر -محمد بن أحمد بن الجهم- (ت ٣٢٩هـ) من المالكية.
(١) وصرَّح بشذوذ قول سليمان بن موسى: أبو العباس القرطبي في «المفهم» (٣/٥٥٩) .
وانظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (١٢/٤٠٥)، «مصنف عبد الرزاق» (٥/١٨٦)، «السير» للفزاري (ص ١٨٢)، «الاستذكار» (١٤/١٧٣)، «الأوسط» لابن المنذر (١١/١٥٧)، «أضواء البيان» (٢/٤٠٠) .
(٢) ذكر القاضي عبد الوهاب في «الإشراف» (٤/٤٤٠- بتحقيقي): أن النبي ﷺ لم يسهم إلا لفرسٍ واحدٍ في حروبه كلِّها، وكذلك الأئمة بعده.
قلت: ورد في «مغازي الواقدي» (٢/٦٨٨ و٣/٩٤٩) في خبرين:
أحدهما: في (غزوة خيبر) بسنده عن الحارث بن عبد الله بن كعب، ضمن خبر فيه: «وما كان أكثر من فرسين لم يسهم له، ويقال: إنه لم يسهم إلا لفرس واحد»، وفيه -أيضًا-: «ولم يسمع أن رسول الله ﷺ ضرب لمن كان معه من الخيل لنفسه إلا لفرس واحد، وهو معروف سهم الفرس» .
والآخر: في (غزوة حنين) وفيه: «ثم أمر رسول الله ﷺ زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم، ثم فضها على الناس، فكانت سهامهم: لكل رجل أربعة من الإبل، أو أربعون شاة، فإن كان فارسًا أخذ اثنتي عشرة من الإبل، أو عشرين ومئة شاة، وإن كان معه أكثر من فرس واحدٍ لم يسهم له»، ونقله عنه المقريزي في «إمتاع الأسماع» (٤٢٦) .
والواقدي متروك، ولذا لم يعتد العلماء الأثبات بما نقل، ففي «الموطأ» (٢/٤٥٦-٤٥٧): «وسئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة، فهل يقسم لها كلها؟ فقال: لم أسمع بذلك، ولا أرى أن يقسم إلا لفرسٍ واحد، الذي يقاتل عليه» .
وقال الشافعي في «الأم» (٤/١٤٥): «إنه ليس هناك خبر يثبت في الإسهام لفرس واحد، أو لأكثر من واحد» .
وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٣/١٠٦) عند قول الرافعي: روي أنه ﷺ لم يعط =

1 / 414