368

Al-Injād fī abwāb al-jihād wa-tafṣīl farāʾiḍihi wa-sunanihi wa-dhikr jumal min ādābihi wa-lawāḥiq aḥkāmihi

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

Editor

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

Publisher

دار الإمام مالك

Publisher Location

مؤسسة الريان

Genres

Law
يشاركهم فيه غيرهم ممَّن لا يلفظ بالإسلام.
فصلٌ
وأمَّا المجنون، فإن كان مُطبقًا، لم يسهم له، وهو كالصبي في عدم التكليف، بل هو في هذا الباب أسوأ حالًا منه؛ لأنه لا يَتَأتَّى منه فعل الجهاد، كما قد يتأتى بعض ذلك من الصَّبيِّ إذا اشتدَّ، وكان مراهقًا، والإسهام إنما يستحقه المسهم له بفعل الجهاد: من قتالٍ، أو لزوم ساقة، أو انتصابٍ في كمين، أو حراسة أحوال المقاتلين، وما أشبه ذلك، فإذا لم تكن فيه أهلية ذلك فِعلًا ولا قصدًا، فأنَّى يَستحقُّ حظًّا، فإن كان عنده من العقل ما يمكنه به القتال، فقيل: إنه يسهم له، وذلك ظاهرٌ إن كان عقله مما يُنَزَّلُ عليه التكليف، مثل أن يكون أخرق، أو أهوجَ -وهما أول مراتبِ ضعفِ العقل وعدم التثبت والرفق-، ونحو ذلك مما لا يُسقط عنه الأحكام، وأما إن كان بحيث لا يُكلَّف مثله، وهو مع ذلك يمكن أن يُفاد لبعض كفاية المقاتلين، فيغنى فيه؛ فالإسهام له
إنما يكون نحوًا من الإسهام للمراهق إذا أطاق القتال فقاتل مع الجيش، فمن رأى الإسهام لذلك، أمكن أن يراه لهذا، والظاهر أن لا سهم لهما، لما تقدَّم، والله أعلم (١) .
فصلٌ
وأمَّا المريض، فإن كان زمِنًا لا يستطيع شيئًا في الحال، ولا يُرجى في المآل، ولا ينتفع منه في عمل الجهاد بأمر، فالمروي عن أصحاب مالك: أنه لا يُسهم له، وذلك كالمفلوج اليائس (٢) .

(١) قال ابن شاس في «عقد الجواهر الثمينة» (١/٥٠٦) -ونقله عنه القرافي في «الذخيرة» (٣/٤٢٥) -: «وأمّا فقد العقل؛ فإن كان مطبقًا، فلا يسهم له إذا خرج كذلك من دار الإسلام، وإن كان ذلك طارئًا عليه في دار الحرب، ففي الإسهام له خلاف»، قال: «وإن كان يفيق، فإن كان بحيث يتأتّى منه القتال أسهم له، وإلا فلا» .
(٢) قال القاضي عبد الوهاب في «المعونة» (١/٦١١): «وإن حَضَرَ مريضًا لا يمكنه القتال =

1 / 381