47

Imraa Tadakhkhala

تدخل‎ امرأة

Genres

لم تتحرك الأخرى من مكانها. وفي مدة الصمت التالية، كان يمكن سماع طرطشة المياه المنتظمة الناتجة عن حركة المجاديف، ومرة أخرى صدر هتاف عال من هؤلاء الذين تركوا على متن السفينة المتوقفة. رفعت إديث لونجوورث نفسها بالوقوف على أطراف أصابعها ونظرت عبر النافذة المفتوحة. وعند قمة موجة، على بعد خمسمائة ياردة من السفينة، رأت القارب وقد ظهر للحظات، وبان منه البريق الأبيض لمجاديفه الستة الغائصة في الماء؛ ثم اختفى القارب في الجانب الآخر للموجة في عمق الماء.

قالت: «والآن، آنسة بروستر، يمكنك الذهاب.»

الفصل الثالث عشر

دخلت جيني بروستر، بعد أن تركتها إديث لونجوورث، في نوبة هيستيرية قصيرة. لكن تعقلها سرعان ما أنقذها؛ وعندما أصبحت أكثر هدوءا، بدأت تسأل نفسها لماذا لم تهاجم الفتاة التي جرؤت على حبسها. لقد تذكرت بالكاد أنها قد فكرت في القيام بهجوم شديد في ذلك الوقت، وتذكرت أيضا أن خوفها من مغادرة القارب أثناء المشاجرة قد منعها من القيام بها. ولكنها الآن، وبعد أن غادر القارب، ندمت بشدة على سلبيتها، وحزنت دون جدوى على حقيقة أنها توقفت لكتابة القصة الخاصة بالكارثة التي حاقت بسفينة «كالوريك». ولو لم تكن قد فعلت هذا، لسار كل شيء على ما يرام، لكن طموحها الكبير كي تعد أفضل صحفية في نيويورك وكي تثبت لمدير التحرير أن بإمكانها مواجهة أي طارئ قد يظهر، دمرها. وبينما كان بإمكانها إرسال البرقية الأولى، فقد أدت رغبتها في كتابة البرقية الثانية إلى عدم إرسال أي شيء على الإطلاق. وعلى الرغم من أنها انتقدت سلوكها بلغة ما كان لأحد أن يتوقع سماعها من ابنة مليونير، فإن غضبها تجاه إديث لونجوورث أصبح أكبر، وتملكت من المراسلة الشقراء رغبة عنيفة في الانتقام. وعزمت على الصعود إلى سطح السفينة وفضح تلك الفتاة أمام الجميع. كانت ستجذب انتباه الركاب للأمر بدفع إديث لونجوورث من كرسيها على السطح، وفي حالتها المزاجية الحالية، لم يكن لديها أدنى شك في قدرتها على فعل ذلك. وضعت الصحفية القبعة على رأسها وغادرت إلى السطح، وهي تتطلع لانتقام عنيف وقوي. ومرت بأعلى أحد الجانبين ثم نزلت للآخر، لكن ضحيتها المنتظرة لم تكن موجودة. زاد غضب الآنسة بروستر عندما لم تجد ضحيتها حيث توقعت وجودها. وكانت تخشى أن يسيطر عليها توجه مختلف، عندما تهدأ، ويذهب انتقامها أدراج الرياح. وأثناء سيرها جيئة وذهابا بطول السطح، قابلت كينيون وفليمنج وهما يسيران معا. كان فليمنج قد لحق لتوه بكينيون، الذي كان يذرع بهدوء السطح بمفرده، وضربه برفق على كتفه طالبا منه أن يشرب كأسا معه.

وقال: «يبدو لي أنني لم أحظ قط بمتعة عرض كأس من الشراب عليك منذ أن صعدنا على متن هذه السفينة. أريد أن أشرب مع الجميع هنا، وخاصة الآن، عندما حدث شيء جعل ذلك أمرا جديرا بالاهتمام.»

قال جون كينيون ببرود: «أنا ممتن لك بشدة، لكنني لا أشرب الخمر أبدا.» «عجبا، لا تمسها على الإطلاق؟ ولا حتى الجعة؟» «ولا حتى الجعة.» «حسنا، أنا مندهش لسماع ذلك. ظننت أن أي رجل إنجليزي يشرب الجعة.» «هناك على الأقل رجل إنجليزي واحد لا يفعل هذا.» «لا بأس، إذن؛ أرجو ألا أكون قد تسببت في أي إساءة أو ضرر. لكن يحق لي أن أقول لك إنك يفوتك الكثير من المرح في هذا العالم.» «أعتقد أنني يفوتني القليل من حالات الشعور بالصداع أيضا.» «أوه، ليس بالضرورة. لدي وصفة رائعة لعدم الإصابة بالصداع. كما ترى، هذه هي فلسفة تجنب الصداع.» وهنا، ولخيبة أمل جون، شبك الرجل ذراعه بذراع جون وغير من سرعة خطوته لتتناسب مع تلك الخاصة بجون، وأخذ يتحدث طوال الوقت كما لو كانا أكثر صديقين حميمين في العالم. وأردف قائلا: «لدي خطة فعالة لتجنب الصداع. كما ترى، عندما تفكر في الأمر، فستجده كالتالي: يأتي الصداع فقط عندما تكون غير ثمل. رائع جدا، إذن. إن هذا بسيط للغاية. لا تفق أبدا؛ هذه هي خطتي. إنني ببساطة أستمر في تناول الشراب، ولا أفيق أبدا، ومن ثم لا أصاب بالصداع أبدا. إذا كان هؤلاء الذين يسكرون يتجنبون الضرورة غير السارة المتمثلة في ألا يفيقوا، فسيصبح حالهم على ما يرام. ألا تفهم ما أقصد؟» «وماذا عن عقولهم في تلك الأثناء؟» «أوه، عقولهم تكون في خير حال. الشراب الجيد يشحذ عقل المرء على نحو رائع. والآن، فلتجرب هذا الأمر لبعض الوقت. أتسمح لي أن أدعهم يمزجوا لك كوكتيلا؟ دعني أخبرك، يا جون، أن الكوكتيل يعد واحدا من أفضل المشروبات التي صنعت على الإطلاق، وهذا الرجل القائم على الحانة - عندما جئت على متن هذه السفينة، كان يظن أنه يمكنه عمل كوكتيل، لكنه حتى كان لا يعرف الأساسيات - لقد علمته كيف يصنعه؛ ودعني أخبرك أن هذا السر سيكون بمنزلة كنز له؛ لأنه إذا كان الأمريكيون يحبون شيئا، فإنه أن تمزج مشروبات الكوكتيل الخاصة بهم على نحو صحيح. لا يوجد رجل في إنجلترا بأسرها يمكنه فعل ذلك، ويوجد عدد قليل جدا من الرجال على متن الخطوط البحرية الأطلنطية الذين يمكنهم ذلك. لكنني أعلمهم بالتدريج. لقد شرحت هذا ست مرات. إنهم يدعون أنهم يعطونكم في إنجلترا مشروبات أمريكية، لكن لا بد أنك تعرف كيف أنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب.» «أنا متأكد أنني لن أعرف هذا؛ لأنني لم أتذوق أيا منها.» «آه، صحيح؛ لقد نسيت هذا. حسنا، لقد دربت رجل الحانة هذا، وهو يعرف الآن كيف يصنع كوكتيلا جيدا على نحو معقول؛ وكما قلت، فإن هذا السر سيجلب له الكثير من المال من الركاب الأمريكيين.»

كان جون كينيون يفكر في حل لمشكلة التخلص من هذا الشخص الثرثار والكريم، عندما رأى الآنسة جيني بروستر الأنيقة تقترب منهما؛ وتساءل في نفسه عن سبب نظرة الحنق المرير التي كانت بادية في عينيها. ظن أنها كانت تنوي الحديث مع السياسي الأمريكي، لكنه كان مخطئا. لقد أتت إليه مباشرة، وقالت في نبرة ثائرة، تنم عن غضب شديد: «حسنا، يا جون كينيون، ما رأيك في صنيعك؟»

سأل الرجل المتحير: «أي صنيع؟» «أنت تعرف جيدا أي صنيع أقصد. يا لك من رجل بارع! إنك لم تكن لديك الشجاعة الكافية لمنعي من إرسال تلك البرقية، لذا فقد حرضت صديقتك على الذهاب لغرفتي ومنعي بوقاحة من إرسالها.»

إن النظرة الخالية من التعبير التي تنم عن اندهاش تام والتي كانت بادية على وجه جون كينيون الصادق كانت ستقنع أي امرأة حكيمة بأنه لا يعرف أي شيء على الإطلاق عما تتحدث عنه. تولد بالفعل انطباع مضجر بهذا في عقل تلك الفتاة الغاضب. لكن قبل أن تستطيع التحدث، قال فليمنج: «لا، لا، يا فتاتي العزيزة! إنك تتحدثين بصوت عال للغاية. هل تريدين جذب انتباه كل من على سطح السفينة؟ يجب ألا تصنعي فضيحة بهذه الطريقة على متن السفينة.»

صرخت قائلة: «فضيحة! سرعان ما سترى أتكون هناك فضيحة أم لا. جذب انتباه كل من على سطح السفينة! هذا على وجه التحديد ما سأفعله، حتى أكشف عن دناءة هذا الرجل الذي تتحدث إليه. إنه كان مدبر الأمر، وهو يعرف ذلك. إنها ليس لديها قط من الذكاء ما يمكنها من التفكير فيه. لقد كان شديد الجبن بحيث لا يمكنه أن يفعلها بنفسه؛ ولذا، حرضها على تنفيذ تدبيره الخسيس.»

Unknown page