20

Imraa Tadakhkhala

تدخل‎ امرأة

Genres

قال في نفسه: «إنها لم تصادق أول رجل يتحدث إليها.»

بدأت السفينة في التأرجح أكثر فأكثر، لكن اليوم كان بديعا والبحر يبدو هادئا. وقد غادر معظم المتنزهين السطح. وقد حافظ اثنان أو ثلاثة منهم على توازنهم بنجاح مرض ولد لديهم الشعور بالفخر الذي يسبق السقوط، لكن لحظة انزلاقهم أتت أخيرا ووجدوا أنفسهم ملقيين قبالة سور السفينة. حينها، ضحكوا بخجل وقاموا وتركوا السطح. والكثير من هؤلاء الذين كانوا جالسين في كراسيهم على متن السطح تركوا أماكنهم وذهبوا إلى غرفهم. كانت هناك لحظة إثارة مفاجئة عندما انخلع أحد الكراسي عن وثاقه وانزلق حتى اصطدم بالسور، محدثا صوت ارتطام قويا. ورفع من كان يجلس عليه من على الأرض وكان في حالة هيستيرية، وأخذ للأسفل. وربط المسئول عن السطح الكرسي على نحو أكثر حزما، حتى لا تقع تلك الحادثة مرة أخرى. وكانت الفتاة الإنجليزية قبالة جون كينيون عندما وقعت تلك الحادثة، وقد تشتت انتباهها بسبب الخوف على سلامة الشخص الجالس على الكرسي المنزلق، وتلاشى اهتمامها بنفسها في أكثر وقت كان مطلوبا فيه. كان الميل التالي الذي تعرضت له السفينة على الجانب الآخر هو الأقوى في هذا اليوم. ارتفع السطح حتى كادت الفتاة التي مالت بجسدها أن تلمسه بيدها، ثم، ورغم محاولاتها، انزلقت بسرعة البرق باتجاه الكرسي الذي كان يشغله جون كينيون، وتعثرت ووقعت على جون على نحو مفاجئ بشدة، وهو الأمر الذي كان سيودي به إذا لم يفعل ذلك السقوط المباغت لفتاة ممتلئة القوام عليه. انكسر كرسي السطح الهش محدثا صوتا عاليا، وكان من الصعب تحديد من كان الأكثر تضررا من الحادثة المفاجئة، جون كينيون أم الفتاة.

قال متلعثما: «أرجو ألا تكوني قد أصبت.»

ردت: «لا تهتم بأمري. لقد كسرت كرسيك، و... و...»

قال كينيون: «الكرسي لا يهم. لقد كان ضعيفا وهشا. أنا لم أصب، إن كان هذا ما تقصدينه؛ ولا يجب أن تهتمي بهذا.»

وهنا، تذكر مقولة جورج ونتوورث: «يجب أن تلقى فتاة بين ذراعيك قبل أن تعترف بوجود ذلك الشيء الذي يطلق عليه فتاة جميلة.»

الفصل الرابع

بالكاد يمكن القول إن إديث لونجوورث نموذج للفتاة الإنجليزية. صحيح أنها قد تعلمت مثل أي فتاة إنجليزية، لكن ليس على تنشئتها المعتادة. لقد فقدت أمها في مرحلة مبكرة من حياتها، وهو ما أحدث فارقا كبيرا في تربيتها، بغض النظر عن مدى ثراء والدها، الذي كان ثريا، دون أدنى شك. إذا سألت أي رجل لندني عن مكانة جون لونجوورث، فستعرف أن «المنزل» سمعته طيبة. يقول الناس إنه محظوظ، لكن جون لونجوورث العجوز يؤكد أنه لا يوجد شيء اسمه الحظ في مجال الأعمال، وهو قول غير صحيح على الأرجح. إن لديه استثمارات كبيرة في كل أنحاء الكرة الأرضية تقريبا. وعندما يدخل أي مجال، فإنه يدخله بقوة. يتحدث الناس عن عدم استحسان وضع كل البيض في سلة واحدة، لكن جون لونجوورث مؤمن بهذا الشيء؛ ومؤمن أيضا بمراقبة السلة. هذا لا يعني أنه يضع كل بيضة في سلة واحدة، أو حتى في نوع واحد من السلال؛ لكن عندما يكون جون لونجوورث مقتنعا بنوعية السلة المقدمة إليه، فإنه يضع عددا كبيرا من البيض فيها. وعندما يعرض عليه أي شيء للاستثمار فيه - سواء كان منجما أو مصنعا للجعة أو خط سكة حديدية - كان يأخذ رأي الخبراء في الأمر، والاحتمال الأكبر أن يتجاهل في النهاية هذا الرأي. لقد كانت لديه عادة الذهاب شخصيا لرؤية ما يعرض عليه. وإذا كان الاستثمار كبيرا بما يكفي، فلم يكن ليتردد في السفر إلى الجانب الآخر من العالم من أجل إلقاء نظرة عليه. صحيح أنه في حالات كثيرة كان لا يعرف أي شيء عن المجال الذي سيستثمر فيه، لكن هذا لم يكن مهما له؛ فقد كان يحب أن يفحص بنفسه المكان الذي سيضع فيه جزءا كبيرا من أمواله. بدا أن الاستثمار بالنسبة إليه نوع من الحدس. وفي أحيان كثيرة عندما كانت تجمع آراء الخبراء على مدى ربحية مشروع ما، وكان يبدو كل شيء آمنا على نحو تام، كان يقوم بزيارة شخصية للمكان موضوع البيع، ويصل إلى قناعة فورية بعدم شرائه. وحينها، كان لا يبدي أي أسباب لرفاقه بشأن تغيير رأيه؛ كان فقط يرفض الاستمرار في النظر في العرض وينسحب من الأمر. وقعت حالات كثيرة من هذا النوع في مسيرته. أحيانا، كانت تخسر شركة كبيرة ورابحة، وكان يتوقع لها مستقبل كبير، وعندما تجري تصفيتها، يتذكر الناس ما قاله لونجوورث عنها. وهكذا تكون لدى من يعرفون السيد لونجوورث العجوز شعور غير مستند على أي أساس علمي مفاده أنه لو كان طرفا في شيء، فإن هذا الشيء آمن، ولو استطاع مؤسس لشركة ما أن يحصل على موافقته على المشاركة فيها، فمن شبه المؤكد أن مشروعه سينجح. •••

عندما انتهت إديث لونجوورث رسميا من تعليمها، أصبحت رفيقة أبيها أكثر فأكثر، وكان عادة ما يشير إليها على سبيل المزاح باعتبارها مساعدته. لقد كانت تسافر معه في أسفاره الطويلة، ولذلك، سافرت العديد من المرات إلى أمريكا، ومرة إلى رأس الرجاء الصالح وأخذتها إحدى الرحلات البحرية الطويلة التي كانت وجهتها أستراليا في جولة كاملة حوال العالم. لقد ورثت إديث الكثير من فطنة أبيها، ولا شك أنه لو قدر لها أن تعتمد في حياتها على نفسها وعلى إمكانياتها فقط، لأصبحت سيدة أعمال ممتازة. وكانت تعرف بدقة نطاق استثمارات أبيها، وكانت كاتمة أسراره على نحو لا تجده سوى في نساء قليلات فيما يتعلق بأقاربهن الرجال. ولقد كان الرجل العجوز يثق بشدة في رأيها، على الرغم من أنه نادرا ما يعترف بذلك. ونظرا إلى أنهما سافرا معا كثيرا في رحلات طويلة، فمن الطبيعي أنهما أصبحا، على نحو ما، صديقين مقربين. وهكذا يتضح لنا أن تعليم إديث كان مختلفا تماما عن تعليم أي فتاة إنجليزية عادية، وتلك التنشئة الخاصة حولتها إلى نوع مختلف من النساء، عما كانت ستكون عليه لو كانت والدتها حية.

نمت ثقة تامة بين الأب والابنة، ومؤخرا فقط حدث ما عكر صفو علاقتهما معا، وهو الأمر الذي لم يتحدث بشأنه أي منهما مرة أخرى منذ فتح الحوار حوله.

Unknown page