سألتها: ولماذا أنت غاضبة إلى هذا الحد؟ هل تعتقدين أن فردوس بريئة ولم تقتل؟
ردت بغضب أشد: قتلت أم لم تقتل، إنها بريئة، ولا تستحق الشنق، إنهم هم الذين يستحقون الشنق.
سألتها: من هم؟
نظرت إلي في ريبة وقالت: من أنت؟ ... هل «هم» الذين أرسلوك إليها؟
سألت مرة أخرى: من هم؟
تلفتت حولها في حذر أشبه بالخوف، وابتعدت عني وهي تقول: هم! ألا تعرفينهم؟
قلت: لا.
ضحكت ضحكة ساخرة وتركتني، وسمعتها تقول لنفسها: كيف لا تعرفينهم وكل الناس تعرفهم؟
وتكررت زيارتي للسجن، وفي كل مرة حاولت أن أرى فردوس، لكن محاولاتي كلها باءت بالفشل، وأصبح البحث النفسي الذي أقوم به مهددا، بل إن حياتي كلها بدت أمام عيني كأنما هي فاشلة أو مهددة بالفشل، وأحسست أن ثقتي بنفسي بدأت تهتز أو اهتزت فعلا. ومرت بي لحظات قاسية خيلت إلي أن هذه المرأة القاتلة والتي ستقتل بعد أيام أفضل مني، وأنني إلى جانبها لست إلا نملة صغيرة تزحف على الأرض وسط ملايين الحشرات.
كلما تذكرت شكل عيني السجانة أو طبيب السجن وهما يتحدثان عن رفضها لكل شيء، وإعراضها عن كل شيء - وبالذات عن لقائها بي - يزيد إحساسي بضآلتي، وفي إحدى الليالي أصابني أرق، وسؤال ملح في أعماقي لا يريد أن يكف: أي نوع من النساء هي؟ وإذا رفضتني فهل معنى ذلك أنها أفضل مني؟ ولكنها رفضت أيضا مخاطبة رئيس الدولة!
Unknown page