وأخيرًا نخلص إلى القول بأن قول الحنفية والمالكية بجواز الاقتصار في دفع الزكاة على بعض مصارفها لم يتضمن تعليلًا للنص الشرعي بحيث عاد هذا التعليل على أصله بالتعطيل والإبطال - كما هو مدعى البعض - وإنما عاد عليه - بمساعدة أدلة أخرى - بالتأويل حيث صرفه من الدلالة على المعنى الظاهر إلى الدلالة على المعنى المؤول ومثل هذا لا غبار عليه.
المسألة الثالثة: سفر المرأة إلى الحجّ من غير محرم عند الأمن
روي عن النبي ﷺ عدة أحاديث في تحريم سفر المرأة من غير محرم.
فعن ابن عمر، ﵄، أنّ النبي ﷺ قال: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم" (^١).
وعن أبي سعيد الخدري ﵁ أنّ النبي ﷺ قال: "لا تسافر المرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم" (^٢).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال النبي ﷺ: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" (^٣).
واختلاف الروايات في ذكر مدة السفر يدل على عدم تحديد هذه المدة، ولذا ذهب أكثر العلماء إلى تحريم مطلق السفر، قال ابن حجر ﵀: «وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات، قال النووي ﵀: ليس المراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمّى سفرًا
(^١) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٠٨٦).
(^٢) المرجع السابق، حديث رقم (١٨٦٤).
(^٣) المرجع السابق، حديث رقم (١٨٦٤).