Iman
الإيمان
Investigator
محمد ناصر الدين الألباني
Publisher
المكتب الإسلامي،عمان
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Publisher Location
الأردن
والمنكر، كما روي عن ابن مسعود، وابن عباس: أن في الصلاة منتهى ومزدجرًا عن معاصي الله، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدًا. وقوله: لم يزدد إلابُعْدًا، إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل، وهذا كما في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: " تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يَرْقُبُ الشمس حتى إذا كانت بين قَرْنَي شيطان، قام فنقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلًا "، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٤٢] .
وفي السنن عن عَمَّار، عن النبي صلىالله عليه وسلم أنه قال: " إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها "، حتى قال: " إلا عشرها "، وعن ابن عباس قال: ليس لك من صلاتك إلا ما عَقَلْت منها. وهذا وإن لم يؤمر بإعادة الصلاة عند أكثر العلماء، لكن يؤمر بأن يأتي من التطوعات بما يجبر نقص فرضه. ومعلوم أن من حافظ على الصلوات بخشوعها الباطن، وأعمالها الظاهرة، وكان يخشى الله الخشية التي أمره بها، فإنه يأتي بالواجبات، ولا يأتي كبيرة، ومن أتى الكبائر - مثل الزنا، أو السرقة، أو شرب الخمر، وغير ذلك - فلابد أن يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور، وإن بقي أصل التصديق في قلبه. وهذا من الإيمان الذي ينزع منه عند فعل الكبيرة، كما قال النبي ﷺ: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ". فإن المتقين كما وصفهم الله بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠١]، فإذا طاف بقلوبهم طائف من الشيطان تذكروا، فيبصرون.
1 / 29