228

Al-īmān

الإيمان

Editor

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي،عمان

Edition

الخامسة

Publication Year

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Publisher Location

الأردن

التيمم استعمل في معناه المعروف في اللغة، فإنه أمر بتيمم الصعيد، ثم أمر بمسح الوجوه والأيدي منه، فصار لفظ التيمم في عرف الفقهاء يدخل فيه هذا المسح، وليس هو لغة الشارع، بل الشارع فرق بين تيمم الصعيد وبين المسح الذي يكون بعده، ولفظ الإيمان أمر به مقيدًا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وكذلك لفظ الإسلام بالاستسلام لله رب العالمين، وكذلك لفظ الكفر مقيدًا، ولكن لفظ [النفاق] قد قيل: إنه لم تكن العرب تكلمت به، لكنه مأخوذ من كلامهم، فإن نفق يشبه خرج، ومنه: نفقت الدابة إذا ماتت، ومنه: نَافِقَاءُ اليِرْبُوع، والنفق في الأرض قال تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ﴾ [الأنعام: ٣٥]، فالمنافق هو الذي خرج من الإيمان باطنًا بعد دخوله فيه ظاهرًا، وقيد النفاق بأنه نفاق من الإيمان. ومن الناس من يسمى من خرج عن طاعة الملك منافقًا عليه، لكن النفاق الذي في القرآن هو النفاق على الرسول. فخطاب الله ورسوله للناس بهذه الأسماء كخطاب الناس بغيرها، وهو خطاب مقيد خاص لا مطلق يحتمل أنواعًا.
وقد بين الرسول تلك الخصائص، والاسم دل عليها، فلا يقال: إنها منقولة، ولا أنه زيد في الحكم دون الاسم، بل الاسم إنما استعمل على وجه يختص بمراد الشارع، لم يستعمل مطلقًا، وهو إنما قال: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾ [البقرة: ١١٠]، بعد أن عرَّفهم الصلاة المأمور بها، فكان التعريف منصرفًا إلى الصلاة التي يعرفونها لم يرد لفظ الصلاة وهم لا يعرفون معناه؛ ولهذا كل من قال في لفظ الصلاة: إنه عام للمعني اللغوي، أو إنه مجمل لتردده بين المعنى اللغوي والشرعي ونحو ذلك؛ فأقوالهم ضعيفة، فإن هذا اللفظ إنما ورد خبرًا أو أمرًا، فالخبر كقوله: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ [العلق: ٩، ١٠] وسورة [اقْرأ] من أول ما نزل من القرآن، وكان بعض الكفار إما أبو جهل أو غيره قد نهى النبي ﷺ عن الصلاة وقال: لئن رأيته يصلي لأطأن عنقه. فلما رآه ساجدًا رأى من الهول ما أوجب نكوصه على عقبيه، فإذا قيل: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ فقد علمت تلك الصلاة الواقعة بلا إجمال في اللفظ ولا عموم.

1 / 235