175

Al-īmān

الإيمان

Editor

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي،عمان

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Publisher Location

الأردن

قال: " سَلُوا اللهَ العافية واليقين، فما أعطى أحد بعد اليقين شيئًا خيرًا من العافية، فسلوهما الله تعالى "، فاليقين عند المصائب بعد العلم بأن الله قدرها سكينة القلب وطمأنينته وتسليمه، وهذا من تمام الإيمان بالقدر خيره وشره، كما قال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: ١١]، قال عَلْقَمَة: ويروي عن ابن مسعود: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضي ويسلم، وقوله تعالى: ﴿يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ هداه لقلبه هو زيادة في إيمانه، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: ١٧]، وقال: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: ١٣] . ولفظ [الإيمان] أكثر ما يذكر في القرآن مقيدًا، فلا يكون ذلك اللفظ متناولا لجميع ما أمر الله به، بل يجعل موجبًا للوازمه وتمام ما أمر به، وحينئذ يتناوله الاسم المطلق قال تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الحديد: ٧: ٩]، وقال تعالى في آخر السورة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحديد: ٢٨] .
وقد قال بعض المفسرين في الآية الأولى: إنها خطاب لقريش، وفي الثانية: إنها خطاب لليهود والنصارى، وليس كذلك؛ فإن الله لم يقل قط للكفار: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ثم قال بعد ذلك: ﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الحديد: ٢٩]، وهذه السورة مدنية باتفاق، لم يخاطب بها المشركين بمكة، وقد قال: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [الحديد:٨] وهذا لا يخاطب به كافر، وكفار مكة لم يكن أخذ

1 / 182