Iman
الإيمان لابن منده
Investigator
د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٦
Publisher Location
بيروت
١٨٤ - أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ، بِمِصْرَ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو يَزِيدَ الْمِصْرِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَا كَانَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانَ لَهُ حَوَارِيُّونَ يَهْتَدُونَ بِهَدْيهِ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَعْمَلُونَ، وَيَعْمَلُونَ مَا يُنْكِرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ مِثْلُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَتَرَكَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا عِلَّةَ لَهُ. وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَ مَعْنَاهُ، " وَقَوْلٌ آخَرُ لِجَمَاعَةٍ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ، قَالُوا: لَمْ يُرِدِ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ ﵇ كَمَالَ الدِّينِ الْإِيمَانِ، وَلَكِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَيَلْزَمُ مَنْ أَتَى بِهِ اسْمُ الْإِيمَانِ وَحُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْمَالٍ مِنْهُ لِلْإِيمَانِ كُلِّهُ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ الَّذِي عَنْهُ يَكُونُ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، فَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩]، وَقَالَ: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]، وَقَالَ: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]
⦗٣٤٧⦘، قَالُوا: فَالْإِسْلَامُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ هُوَ الْإِيمَانُ وَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِسْلَامُ لِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]، فَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ لَكَانَ مَنْ دَانَ اللَّهَ بِالْإِيمَانِ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ، وَقَالُوا: الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ وَالْإِسْلَامُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْخُضُوعُ، فَأَصْلُ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ وَإِيَّاهُ أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْإِيمَانِ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَعَنْهُ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ، لِأَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ بِاللَّهِ خَضَعَ لَهُ وَإِذَا خَضَعَ لَهُ أَطَاعَ، فَالْخُضُوعُ عَنِ التَّصْدِيقِ هُوَ أَصْلُ الْإِسْلَامِ، وَمَعْنَى التَّصْدِيقِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، وَالِاعْتِرَافُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَبِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَوَاجِبِ حَقِّهِ، وَتَحْقِيقُ مَا صَدَّقَ بِهِ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ وَالتَّحْقِيقُ فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقُ الْأَصْلِ فَمِنَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ يَكُونُ الْخُضُوعُ لِلَّهِ، وَعَنِ الْخُضُوعِ يَكُونُ الطَّاعَاتُ وَأَوَّلُ مَا يَكُونُ عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ التَّصْدِيقُ، مِنْ عَمِلِ الْجَوَارِحِ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ، لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ خَضَعَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخُضُوعَ بِاللِّسَانِ، فَأَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿ لِإِبْرَاهِيمَ ﵇ ﴿أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ﴾ [البقرة: ١٣١]، أَيْ أَخْلَصْتُ بِالْخُضُوعِ لَكَ، وَحُجَّتُهُمْ لِهَذَا الْقَوْلِ سُؤَالُ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ "
1 / 346