Imama Wa Siyasa
الامامة والسياسة
حميد، عن أبيه أنه قال: قدمت الأندلس امرأة عطارة فخرجت بخمس مائة رأس، فأما الذهب والفضة والآنية والجوهر فذلك لا يحاط بعلمه.
قال: وحدثني ياسين بن رجاء، أنه قدم عليهم رجل من أهل المدينة شيخ، فجعل يحدثنا عن الأندلس، وعن دخول موسى إياها، فقلنا له: فكيف علمت هذا؟قال: إني والله من سبيه، ولأخبركم بعجيب، والله ما اشتراني الذي اشتراني إلا بقبضة من فلفل لمطبخ موسى بن نصير. فقلنا له: ما أقدمك؟ فقال: أبي كان من وجوه الأندلس. فلما سمع بموسى بن نصير عمد إلى عين ما له من الذهب والفضة والجوهر، وغير ذلك، فدفنه في موضع قد عرفته، فتقدمت أنا للخروج إلى ذلك الموضع لاستخراجه. قلنا له: وكم لك منذ فارقته؟قال: سبعون سنة. قلنا له: أفنسيته؟قال: نعم، فلم ندر بعد ما فعل.
غزوة موسى بن نصير البشكنس والأفرنج
قال: وذكروا أن موسى خرج من طليطلة بالجموع غازيا يفتح المدائن جميعا، حتى دانت له الأندلس، وجاءه وجوه جليقية، فطلبوا الصلح فصالحهم[ (1) ]، وغزا البشكنس فدخل في بلادهم حتى أتى قوما كالبهائم، ثم مال إلى أفرنجة، حتى انتهى إلى سرقسطة فافتتحها، وافتتح ما دونها من البلاد إلى الأندلس. قال: فأصاب فيها ما لا يدرى ما هو، ثم سار حتى جاوزها بعشرين ليلة، وبين سرقسطة وقرطبة شهر أو أربعون يوما.
قال: وذكروا أن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، قال: كنت ممن غزا مع [ (1) ]افتتح موسى مدينة ابن السليم، ثم قرمونة، ثم اشبيلية، ثم ماردة، ثم لبلة وباجة ثم سرقسطة (ابن الأثير 3/211-212، نفح الطيب 2/156) ووصل مع طارق إلى أطراف بلاد الأندلس الشمالية وكانت حركتهما دون مقاومة تذكر لأن لسقوط دولة القوط في الجنوب أثره البالغ في جعل مدن الشمال تسقط الواحدة تلو الأخرى.
أما بالنسبة إلى جليقية فقد صالح أهلها، ولم يتوغل المسلمون بعد صلح أهلها في نواحيها الجبلية الصخرية-أقصى شمال الأندلس من جهة الغرب-حيث بقيت هذه المنطقة بيد القوط والهاربين من المدن الأخرى التي سقطت بيد المسلمين. وقد بقيت مدخرا للقومية الإسبانية فخرجت منها فيما بعد الحركة المعروفة بالانتقام من المسلمين، لتطرد المسلمين من الأندلس بعد بقائهم فيها حوالي ثمانية قرون (ابن عذاري 2/62 التاريخ السياسي للدولة العربية د. ماجد 2/207) .
Page 92