319

Imama

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

الثاني: أن حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل(1) . قال أبو موسى المديني: "قد جمع غير واحد من الحفاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار والمعرفة، كالحاكم النيسابوري، وأبي نعيم، وابن مردويه. وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح".

هذا مع أن الحاكم منسوب إلى التشيع، وقد طلب منه أن يروي حديثا في فضل معاوية فقال: ما يجيء من قلبي، ما يجيء من قلبي، وقد ضربوه على ذلك فلم يفعل. وهو يروي في "الأربعين" أحاديث ضعيفة بل موضوعة عند أئمة الحديث، كقوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، لكن تشيعه وتشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث، كالنسائي وابن عبد البر وأمثالهما، لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر وعمر، فلا يعرف في علماء الحديث من يفضله عليهما، بل غاية المتشيع منهم أن يفضله على عثمان، أو يحصل منه كلام أو إعراض عن ذكر محاسن من قاتله ونحو ذلك، لأن علماء الحديث قد عصمهم وقيدهم ما يعرفون من الأحاديث الصحيحة الدالة على أفضلية الشيخين، ومن ترفض ممن له نوع اشتغال بالحديث، كابن عقدة وأمثاله، فهذا غايته أن يجمع ما يروي في فضائله من المكذوبات والموضوعات، لا يقدر أن يدفع ما تواتر من فضائل الشيخين، فإنها باتفاق أهل العلم بالحديث أكثر مما صح في فضائل علي وأصح وأصرح في الدلالة.

وأحمد بن حنبل لم يقل: إنه صح لعلي من الفضائل ما لم يصح لغيره، بل أحمد أجل من أن يقول مثل هذا الكذب، بل نقل عنه أنه قال: "روي له ما لم يرو لغيره" مع أن في نقل هذا عن أحمد كلاما ليس هذا موضعه.

الثالث: أن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله ليأكل منه، فإن إطعام الطعام مشروع للبر والفاجر، وليس في ذلك زيادة وقربة عند الله لهذا الآكل، ولا معونة على مصلحة دين ولا دنيا، فأي أمر عظيم هنا يناسب جعل أحب الخلق إلى الله يفعله؟!

Page 61