الثاني: أن إخباره أن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله حق، وفيه رد على النواصب، لكن الرافضة الذين يقولون: إن الصحابة ارتدوا بعد موته لا يمكنهم الاستدلال بهذا، لأن الخوارج تقول لهم: هو ممن ارتد أيضا، كما قالوا لما حكم الحكمين: إنك قد ارتددت عن الإسلام فعد إليه.
قال الأشعري في كتاب "المقالات"(1): "أجمعت الخوارج على كفر علي"(2).
وأما أهل السنة فيمكنهم الاستدلال على بطلان قول الخوارج بأدلة كثيرة، لكنها مشتركة تدل على إيمان الثلاثة، والرافضة تقدح فيها، فلا يمكنهم إقامة دليل على الخوارج على أن عليا مات مؤمنا، بل أي دليل ذكروه قدح فيه ما يبطله على أصلهم، لأن أصلهم فاسد.
وليس هذا الوصف نم خصائص علي، بل غيره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لكن فيه الشهادة لعينه بذلك، كما شهد لأعيان العشرة بالجنة، وكما شهد لثابت بن قيس بالجنة، وشهد لعبد الله حمار بأنه يحب الله ورسوله، وقد كان ضربه في الحد مرات.
وقول القائل: "إن هذا يدل على انتفاء هذا الوصف عن غيره".
فيه جوابان:
أحدهما: أنه إن سلم ذلك، فإنه قال: "لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه"، فهذا المجموع اختص به، وهو أن ذلك الفتح كان على يديه، ولا يلزم إذا كان ذلك الفتح المعين على يديه أن يكون أفضل من غيره، فضلا عن أن يكون مختصا بالإمامة.
الثاني: أن يقال: لا نسلم أن هذا يوجب التخصيص. كما لو قيل: لأعطين هذا المال رجلا فقيرا، أو رجلا صالحا، ولأدعون اليوم رجلا مريضا صالحا، أو لأعطين هذه الراية رجلا شجاعا، ونحو ذلك، لم يكن في هذه الألفاظ ما يوجب أن تلك الصفة لا توجد إلا في واحد، بل هذا يدل على أن ذلك الواحد موصوف بذلك.
Page 57