وإذا كان اللفظ في قوله: { وأنفسنا وأنفسكم } كاللفظ في قوله: { ولا تلمزوا أنفسكم } [الحجرات: 11]، { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا } [النور: 12]، ونحو ذلك، مع أن التساوي هنا ليس بواجب بل ممتنع، فكذلك هناك وأشد. بل هذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة. والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض الأمور، كالاشتراك في الإيمان، فالمؤمنون إخوة في الإيمان، وهو المراد بقوله: { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا } [النور: 12] وقوله: { ولا تلمزوا أنفسكم } [الحجرات: 11].
وقد يكون بالاشتراك في الدين، وإن كان فيهم المنافق، كاشتراك المسلمين في الإسلام الظاهر، وإن كان مع ذلك الاشتراك في النسب فهو أوكد. وقوم موسى كانوا أنفسنا بهذا الاعتبار.
قوله تعالى: { تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم } [آل عمران: 61] أي رجالنا ورجالكم، أي الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب، والرجال الذين هم من جنسكم. أو المراد التجانس في القرابة فقط، لأنه قال: { أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم } فذكر الأولاد وذكر النساء والرجال، فعلم أنه أراد الأقربين إلينا من الذكور والإناث، من الأولاد والعصبة.
ولهذا دعا الحسن والحسين من الأبناء، ودعا فاطمة من النساء، ودعا عليا من رجاله، ولم يكن عنده أحد أقرب إليه نسبا من هؤلاء، وهم الذين أدار عليهم الكساء.
والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه، وإلا فلو بأهلهم بالأبعدين في النسب، وإن كانوا أفضل عند الله، لم يحصل المقصود؛ فإن المراد أنهم يدعون الأقربين، كما يدعو هو الأقرب إليه.
Page 112