174

القلب ، ورؤية البصر ، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ولقد حدثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام فقيل : يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل رأيت ربك؟ فقال : وكيف أعبد من لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، فإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ، ولا بد للمخلوق من الخالق ، فقد جعلته إذن محدثا مخلوقا ، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا ، ويلهم أو لم يسمعوا بقول الله تعالى « لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » (1) وقوله « لن تراني ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا » (2) وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وصعقت الجبال فخر موسى صعقا أي ميتا فلما أفاق ورد عليه روحه قال : سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى ورجعت الى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك ، وأنا أول المؤمنين وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الأعلى.

ثم قال عليه السلام : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب ، والإقرار له بالعبودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره ، ولا شبيه له ولا نظير ، وأن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ولا مبطل ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وبعده معرفة الرسول والشهادة

Page 177