250

Ilzam Nasib

إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب

بذلك فرحا شديدا وقالت له : إني أريد أن تدعو والدي حتى يعلما أنك قد كسبت ، فدعاهما فأكلا معه فلما فرغوا قال لهم : هل تعرفوني؟ قالوا : لا والله إلا أنا لم نر منك إلا خيرا.

قال : فأخرج خاتمه فلبسه وخر عليه الطير والريح وغشيه الملك ، وحمل الجارية ووالديها إلى بلاد اصطخر واجتمعت إليه الشيعة واستبشروا به ، ففرج الله عنهم مما كانوا فيه من حيرة غيبته ، فلما حضرته الوفاة أوحى إلى آصف بن برخيا بأمر الله تعالى ، فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة ويأخذون منه معالم دينهم.

ثم غيب الله تعالى آصف غيبة طال أمدها ، ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله ، ثم إنه ودعهم فقالوا له : أين الملتقى؟ قال : على الصراط ، فغاب عنهم ما شاء الله فاشتدت البلوى على بني إسرائيل بغيبته ، وتسلط عليهم بخت نصر فجعل يقتل من يظفر به منهم ويطلب من يهرب ويسبي ذراريهم ، فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال ، واصطفى من ولد هارون عزيرا ، وهم حينئذ صبية صغار فمكثوا في يده ، وبنو إسرائيل في العذاب المهين ، والحجة دانيال اسر في يد بخت نصر لعنه الله تسعين سنة ، فلما عرف فضله وسمع أن بني إسرائيل ينتظرون خروجه ويرجون الفرج من ظهوره وعلى يده ، أمر أن يجعل في جب عظيم واسع ويجعل معه أسد ليأكله ، فلم يقربه وأمر أن لا يطعم ، وكان الله تبارك وتعالى يأتيه بطعامه وشرابه على يدي نبي من أنبيائه ، فكان دانيال يصوم النهار ويفطر بالليل على ما يدلى إليه من الطعام.

واشتدت البلوى على شيعته وقومه المنتظرين لظهوره وشك أكثرهم في الدين لطول الأمد ، فلما تناهى البلاء بدانيال وقومه رأى بخت نصر لعنه الله في المنام كأن ملائكة السماء هبطت إلى الأرض أفواجا إلى الجب الذي فيه دانيال مسلمين عليه يبشرونه بالفرج ، فلما أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال ، فأمر بأن يخرج من الجب فلما أخرج اعتذر إليه مما ارتكب منه ، ثم فوض إليه النظر في امور ممالكه والقضاء بين الناس ، فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل ، ورفعوا رءوسهم واجتمعوا إلى دانيال موقنين بالفرج ، فلم يثبت إلا القليل على ذلك الحال حتى مات ، وأفضى الأمر بعده إلى عزير فكانوا يجتمعون إليه ويأنسون به ويأخذون منه معالم دينهم ، فغيب الله تعالى عنهم شخصه مائة عام ثم بعثه

Page 258