129

Iktifa

الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء

Investigator

محمد عبد القادر عطا

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

دهاك؟ قال: إنى أخشى أن يكون بى لمم. فقلن: ما كان الله ﷿ ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك، فما الذى رأيت؟. قال: إنى كلما دنوت من صنم منها تمثل لى رجل أبيض طويل يصيح بى: وراءك يا محمد لا تمسه. قالت: فما عاد إلى عيد لهم حتى نبئ صلوات الله عليه وعلى آله. ولما بلغ رسول الله ﷺ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة بنت خويلد، فيما ذكره غير واحد من أهل العلم «١» . وذكر الواقدى بإسناد له إلى نفيسة بنت منية أخت يعلى بن منية، وقد رويناه أيضا من طريق أبى على بن السكن، وحديث أحدهما داخل فى حديث الآخر مع تقارب اللفظ، وربما زاد أحدهما الشىء اليسير، وكلاهما ينمى إلى نفيسة. قالت: لما بلغ رسول الله ﷺ، خمسا وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين، لما تكاملت فيه من خصال الخير، قال أبو طالب: يا ابن أخى أنا رجل لا مال لى، وقد اشتد الزمان علينا وألحت علينا سنون منكرة، وليست لنا مادة ولا تجارة، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك فى عيراتها فيتجرون لها فى مالها ويصيبون منافع. فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك وفضلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك، وإن كنت لأكره أن تأتى الشام وأخاف عليك من يهود، ولكن لا تجد من ذلك بدا. وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، فتكون عيرها كعامة عير قريش، وكانت تستأجر الرجال وتدفع إليهم المال مضاربة. وكانت قريش قوما تجارا، ومن لم يكن تاجرا من قريش فليس عندهم بشىء. فقال رسول الله ﷺ: فلعلها ترسل إلى فى ذلك. فقال أبو طالب: إنى أخاف أن تولى غيرك، فتطلب أمرا مدبرا. فافترقا، وبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له، وقبل ذلك ما قد بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكريم أخلاقه، فقالت: ما علمت أنه يريد هذا.

(١) انظر: السيرة (١/ ١٦٥)، طبقات ابن سعد (٨/ ١٤- ١٩)، الروض الأنف للسهيلى (٤/ ٢٦٧)، تاريخ الطبرى (٣/ ١٦١) .

1 / 126