Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār
الاختيار لتعليل المختار
Editor
محمود أبو دقيقة
Publisher
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
Edition
الأولى
Publication Year
1356 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥanafī Law
وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا (سم) .
بَابُ الصَّرْفِ وَهُوَ بَيْعُ جِنْسِ الْأَثْمَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَضْرُوبُهُمَا وَمَصُوغُهُمَا وَتِبْرُهُمَا، فَإِنْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ، ثُمَّ إِنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَوَانِي الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ وَالْعِيدَانِ وَالْخِفَافِ وَالْقَلَانِسِ وَالْأَوْعِيَةِ مِنَ الْأُدْمِ وَالْمَنَاطِقِ وَجَمِيعِ الْأَسْلِحَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالْجِبَابِ وَنَسْجِ الثِّيَابِ، لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لَهُ هُوَ التَّعَامُلُ عَلَى مَا مَرَّ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ.
قَالَ: (وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا) فَيُشْتَرَطُ لَهُ شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَقَالَا: لَا يَصِيرُ سَلَمًا لِأَنَّهُ اسْتِصْنَاعُ حَقِيقَةٍ، فَبِضَرْبِ الْأَجَلِ لَا يَصِيرُ سَلَمًا، كَمَا لَا يَصِيرُ السَّلَمُ اسْتِصْنَاعًا بِحَذْفِ الْأَجَلِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى السَّلَمِ فَيَكُونُ سَلَمًا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا لِلصُّوَرِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ سَلَمًا فَيُجْعَلُ لِوُرُودِ النَّصِّ بِجَوَازِ السَّلَمِ دُونَ الِاسْتِصْنَاعِ. وَجَوَابُهُمَا أَنَّ حَذْفَ الْأَجَلِ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ الِاسْتِصْنَاعِ، أَمَّا الْأَجَلُ مِنْ خَوَاصِّ السَّلَمِ، وَيُكْتَفَى فِي الِاسْتِصْنَاعِ بِصِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ تَحْتَمِلُ الْإِدْرَاكَ، وَلَا بُدَّ فِي السَّلَمِ مِنَ اسْتِقْصَاءِ الصِّفَةِ عَلَى وَجْهٍ يُتَيَقَّنُ بِالْإِدْرَاكِ فَافْتَرَقَا.
[بَابُ الصَّرْفِ]
ِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الدَّفْعُ وَالرَّدُّ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ: اصْرِفْ عَنَّا كَيْدَ الْكَائِدِينَ، وَصَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ السُّوءَ.
وَفِي الشَّرِيعَةِ: بَيْعُ الْأَثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، سُمِّيَ بِهِ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِلَى صَاحِبِهِ فِي الْمَجْلِسِ.
قَالَ: (وَهُوَ بَيْعُ جِنْسِ الْأَثْمَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَضْرُوبُهُمَا وَمَصُوغُهُمَا وَتِبْرُهُمَا، فَإِنْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ ﵊: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا» وَلِقَوْلِ عُمَرَ ﵁: وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى وَرَاءِ السَّارِيَةِ فَلَا تُنْظِرْهُ. وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِيُخْرَجَ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيُقْبَضَانِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا قُبِضَ أَحَدُهُمَا يَجِبُ قَبْضُ الْآخَرِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْمُفَارَقَةُ بِالْأَبْدَانِ حَتَّى لَوْ تَصَارَفَا وَسَارَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا كَثِيرًا ثُمَّ تَقَابَضَا جَازَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، وَكَذَلِكَ مَجْلِسُ عَقْدِ السَّلَمِ، وَلَوْ تَصَارَفَا وَوَكَّلَا بِالْقَبْضِ فَالْمُعْتَبَرُ تَفَرُّقُ الْعَاقِدَيْنِ لَا تَفَرُّقُ الْوَكِيلَيْنِ، وَلَوْ نَامَا جَالِسَيْنِ لَمْ يَكُنْ
2 / 39