187

Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār

الاختيار لتعليل المختار

Editor

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Edition

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

القاهرة

وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَبِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَالرُّكُوبِ وَالْوَطْءِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ.
فَصْلٌ وَمَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ جَازَ، وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؛
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِأَجْلِهِ فَكَانَ أَوْلَى، وَقِيلَ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ أَوْلَى كَالْمُوَكِّلِ.
قَالَ: (وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَبِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَالرُّكُوبِ وَالْوَطْءِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ يَسْقُطُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا الْإِسْقَاطُ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ: أَسْقَطَتُ الْخِيَارَ أَوْ أَبْطَلْتُهُ، أَوْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ، أَوْ رَضِيتُ بِهِ وَمَا شَابَهَهُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالرِّضَى فَيَبْطُلُ الْخِيَارُ.
وَالثَّانِي الْإِسْقَاطُ دَلَالَةً، وَهُوَ كُلُّ فِعْلٍ يُوجَدُ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْمِلْكِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْوَطْءِ وَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا يَكُونُ رِضًى، وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إِلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْمُعَالَجَةِ وَلِيَعْرِفَ لِينَهَا وَخُشُونَتَهَا، وَلَوْ فَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَهُوَ فَسْخٌ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الرُّكُوبُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ، فَإِنْ رَكِبَهَا لِيَرُدَّهَا أَوْ لِيَسْقِيَهَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهَا عَلَفًا فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا سَكَنَ الدَّارَ أَوْ أَسْكَنَهَا لِدَلِيلِ الرِّضَى، وَلَوْ رَكِبَ أَوْ لَبِسَ أَوِ اسْتَخْدَمَ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ لِلِاخْتِبَارِ، وَلَوْ أَعَادَ ذَلِكَ بَطَلَ خِيَارُهُ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ إِلَّا فِي الْعَبْدِ إِذَا اسْتَخْدَمَهُ فِي حَاجَةٍ أُخْرَى لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَالرَّهْنِ؛ وَالْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْمِلْكِ.
وَالثَّالِثُ سُقُوطُ الْخِيَارِ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ كَمُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، فَإِنَّ الْخِيَارَ كَانَ لَهُمَا فَمَاتَا تَمَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ أَوْ نَامَ أَوْ سَكِرَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْخِيَارُ، وَلَوْ دَاوَى الْعَبْدَ، أَوْ عَالَجَ الدَّابَّةَ، أَوْ عَمَّرَ فِي السَّاحَةِ، أَوْ رَمَّ شَعَثَ الدَّارِ، أَوْ لَقَّحَ النَّخِيلَ، أَوْ حَلَبَ الْبَقَرَةَ بَطَلَ، لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ خَصَائِصِ الْمِلْكِ.
[فَصْلٌ خيار الرؤيا وأحكامه]
فَصْلٌ
(وَمَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ جَازَ، وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) مَعْنَاهُ: إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَلَمْ يَرَهُ الْبَائِعُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ ﵊: «مَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا رَآهُ» وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ لِلِانْعِقَادِ كَالثَّمَنِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ يَرُدُّهُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَإِذَا جَازَ الْعَقْدُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ حَتَّى لَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ قَبْلَهَا لَا يَلْزَمُ

2 / 15