Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār
الاختيار لتعليل المختار
Editor
محمود أبو دقيقة
Publisher
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
Edition Number
الأولى
Publication Year
1356 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥanafī Law
وَلَا يَجُوزُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ، وَهَذَا فِي الْوَاجِبِ وَهُوَ الْمَنْذُورُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ اللَّبْثُ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ مَعَ الصَّوْمِ وَالنِّيَّةِ، وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَوِ الْجُمُعَةِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ عَطَاءٌ: مَثَلُ الْمُعْتَكِفِ كَرَجُلٍ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى عَظِيمٍ فَيَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ، وَيَقُولُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتِي، فَكَذَلِكَ الْمُعْتَكِفُ يَجْلِسُ فِي بَيْتِ اللَّهِ، وَيَقُولُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى يُغْفَرَ لِي.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ، وَهَذَا فِي الْوَاجِبِ وَهُوَ الْمَنْذُورُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا) لِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ شَرْطِهِ، وَلَا صَوْمَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ، فَلَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ ضَرُورَةً. وَكَذَلِكَ النَّفْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ ﵊: «لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِالصَّوْمِ» رَوَتْهُ عَائِشَةُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَجُوزُ أَكْثَرَ النَّهَارِ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ بِالْكُلِّ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: سَاعَةً؛ لِأَنَّ مَبْنَى النَّفْلِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَاجِبُ.
قَالَ: (وَهُوَ اللُّبْثُ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ مَعَ الصَّوْمِ وَالنِّيَّةِ) أَمَّا اللُّبْثُ فَلِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] . وَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «كُلُّ مَسْجِدٍ لَهُ إِمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ فَإِنَّهُ يُعْتَكَفُ فِيهِ» . وَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ، وَلِأَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَيَخْتَصُّ بِمَكَانٍ تُؤَدَّى فِيهِ الْجَمَاعَةُ، فَكُلَّمَا كَانَ الْمَسْجِدُ أَعْظَمَ فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ أَفْضَلُ. وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلِمَا تَقَدَّمَ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﵊ مَا اعْتَكَفَ إِلَّا صَائِمًا، وَاللَّهُ - تَعَالَى - شَرَعَهُ لِقَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهُ، فَكَانَ فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ بَيَانًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ بِغَيْرِ صَوْمٍ لَبَيَّنَهُ ﵊ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَلَمْ يُنْقَلْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ. وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ: (وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أَعَدَّتْهُ لِلصَّلَاةِ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ) لِأَنَّ الرَّجُلَ لَمَّا كَانَ اعْتِكَافُهُ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ كَانَ اعْتِكَافُهَا فِيهِ أَفْضَلَ، قَالَ ﷺ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي مِخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي صَحْنِ دَارِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي صَحْنِ دَارِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ حَيِّهَا، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ لَوْ كُنَّ يَعْلَمْنَ» وَلَوِ اعْتَكَفَتْ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ لِوُجُودِ شَرَائِطِهِ، وَيُكْرَهُ لِمَا رَوَيْنَا.
قَالَ: (وَلَا يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَوِ الْجُمُعَةِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ
1 / 137