123

Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār

الاختيار لتعليل المختار

Editor

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

القاهرة

وَالنَّفْلُ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ، وَيَجُوزُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ، وَبَاقِي الصَّوْمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ إِنْ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ وَقَعَ عَنْهُ (سم ف) وَإِلَّا وَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: " أَلَا مَنْ أَكَلَ فَلَا يَأْكُلْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ» أَمَرَ بِالصَّوْمِ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقُدْرَةَ عَلَى الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ ﷺ بُعِثَ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَآمِرًا بِهَا، وَلَوْ شُرِطَتِ النِّيَّةُ مِنَ اللَّيْلِ لَمَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِمْسَاكَ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نَفْيًا لِلِالْتِبَاسِ، وَمَا يُرْوَى مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي نَفْيِ الصَّوْمِ إِلَّا بِالتَّبْيِيتِ مَحْمُولَةٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ تَوْفِيقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا رَوَيْنَا؛ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطِ حَالَةِ الشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ نَوَى مِنَ اللَّيْلِ جَازَ، وَإِنَّمَا جَازَ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، لَأَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ مُشْتَبَهٌ لَا يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَلَا يَقِفُونَ عَلَى أَوَّلِ طُلُوعِهِ، وَهُوَ أَيْضًا وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ ; وَالْمُتَهَجِّدُ يُسْتَحَبُّ لَهُ نَوْمُ آخِرِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ دَفْعًا لِهَذَا الْحَرَجِ، وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ هَهُنَا؛ لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَبْلُغُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَيَنْقَطِعُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ عِنْدَ آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَذَا يَوْمُ الشَّكِّ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّبْيِيتِ، فَقُلْنَا بِالْجَوَازِ بَعْدَ الْفَجْرِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ أَيْضًا.
بِخِلَافِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لَهَا فَوَجَبَ التَّبْيِيتُ نَفْيًا لِلْمُزَاحَمَةِ، وَيَعْتَبِرُ نِصْفَ النَّهَارِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي، فَيَكُونُ إِلَى الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى، فَيَنْوِي قَبْلَهَا لِيَكُونَ الْأَكْثَرُ مَنْوِيًّا فَيَكُونَ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِخُلُوِّ الْأَكْثَرِ عَنِ النِّيَّةِ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ.
وَأَمَّا جَوَازُهُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَبِنْيَةِ النَّفْلِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ﵄ أَنَّهُمَا كَانَا يَصُومَانِ يَوْمَ الشَّكِّ، وَيَقُولَانِ: لَأَنْ نَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، وَكَانَ صَوْمُهُمَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، فَلَوْلَا وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ لَوْ ظَهَرَ الْيَوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، لَمَا كَانَ لِاحْتِرَازِهِمَا فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّ الزَّمَانَ مُتَعَيِّنٌ لِصَوْمِ الْفَرْضِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِيهِ غَيْرُهُ بِالْإِجْمَاعِ، فَمَتَى حَصَلَ أَصْلُ النِّيَّةِ كَفَى لِوُقُوعِ الْإِمْسَاكِ قُرْبَةً، فَيَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ، وَالْأَفْضَلُ الصَّوْمُ بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُبَيَّتَةٍ لِلْخُرُوجِ عَنِ الْخِلَافِ.
قَالَ: (وَالنَّفْلُ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، وَقَالَ: " هَلْ عِنْدَكُنَّ شَيْءٌ؟ " فَإِنْ قُلْنَ لَا، قَالَ: " إِنِّي إِذًا لَصَائِمٌ» .
قَالَ: (وَيَجُوزُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ) لِمَا مَرَّ فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَنِيَّةِ النَّفْلِ.
قَالَ: (وَبَاقِي الصَّوْمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ اللَّيْلِ) لِأَنَّ الْوَقْتَ يَصْلُحُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّعْيِينِ وَالتَّبْيِيتِ قَطْعًا لِلْمُزَاحَمَةِ.
قَالَ: (وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ إِنْ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ وَقَعَ عَنْهُ، وَإِلَّا وَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ) وَقَالَا: يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ لِاحْتِمَالِ تَضَرُّرِهِ وَعَجْزِهِ، فَإِذَا صَامَ انْتَفَى

1 / 127