واختلف القائلون بحجة الاجماع أيضا فى الوقت الذي ينعقد فيه الإجماع ، فقالت طائفة منهم لا ينعقد الاجماع حتى يذهب القرن الذي أجمعوا فيه عليه ، لانه لا يدرى لعله أن يرجع بعضهم عما كان إجماعا منهم إذ فرضهم النظر والاجتهاد ، وقول كل واحد منهم بما يراء ويتوجه له ويغلب على ظنه فلا يقت عليه القول الذي قاله حتى يحوت عليه وهذا كالذي حكيناه عن أسلافهم مثل أبي حنيفة ومالك والشافعى وغيرهم من إثباتهم ما يزعمون أنه من فرائض الله وأحكامه ، ورجوعهم عن ذلك ولى غيره . وقد بينا فساد ذلك عليهم ، وأنهم اتخذوا لذلك - كما قال الله عز وجل - دينهم لهوا ولعبا . ويقال لهذا القائل وكذلك ينبغى لك على قولك هذا ألا تشبد لنفسك ولا لأحد من أهل عصرك بالاسلام ، لانك (555) لا تدرى لعلك وإياهم تموتون عل الكفر ، وهذا الذى إتكرتموه من قول ابن مسعود وقلتم إن الشيطان ألقاه على لسانه إد قال : لا يقولن أحد إنى مؤمن ، فلنه إن قال إنه مؤمن قال إنه من أهل الجنة ومن قال إنه من أهل الجنة فهو من أهل النار . وقد ذكرنا من قولكم فيما تقدم فقد جئتم أنتم بما يوجبه وإن كنا لم نرد بالرد عليكم فى هذا وغيره مما ذكرناه ، ونذكره من مثل هذا إنبات الجاعة ولكنا رددنا عليكم سوء توجيهكم واحتجاجكم. ومن فسد مذهبه وفسدت حجته وعدم توقيفه ويلزمكم بذلك أيضا ألا تكونوا جماعة إذ أنتم لا تدرون لعل بعضكم يرجع عما هو معكم عليه إلى غيره فأنتم على ذلك من قولكم لستم من أهل الجماعة التي أوجبتم حجتها
Page 91