لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (١٧ - ١٨) إخلاص الوداد في صدق الميعاد ويليه ما يفعله الأطباء والداعون بدفع شر الطاعون تأليف العلامة مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي توفي سنة ١٠٣٣ هـ رحمه الله تعالى تقديم وتعليق خالد بن العربي مدرك ساهم بطبعه بعض أهل الخير من الحرمين الشريفين ومحبيهم دار البشائر الإسلامية

Unknown page

جَميعُ الحُقُوقِ مَحْفُوظَةٌ الطّبْعَةُ الأولى ١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م دَارُ البَشَائِر الإسْلَامِيَّة للطباعة والنشر والتوزيع هاتف: ٧٠٢٨٥٧ - فاكس: ٧٠٤٩٦٣/ ٠٠٩٦١١ بيروت - لبنان ص. ب: ٥٩٥٥/ ١٤ e-mail: [email protected]

1 / 2

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطاهرين، وصحابته الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد، فقد تَشَرَّفْتُ بدعوة الأخ الوَدُود المُتَوَدِّد، بحَّاثة الكويت الشيخ محمد بن ناصر العجمي إلى المشاركة بقراءة بعض الرسائل المخطوطة بفِنَاءِ صَحْنِ المسجد الحرام المبارك؛ حيث اقترح بعض الأفاضل وفي مُقَدمتهم الشيخ الكريم، والباحث المتفنِّن، مُتَعَدِّد المواهب نظام محمد صالح يعقوبي البحريني، والأستاذ المجتهد المتقن الشيخ رمزي دمشقية، صاحب دار البشائر الإِسلامية، منذ فترة، قراءة بعض المخطوطات اللطيفة الحجم والمحتوى في العشر الأواخر من رمضان بالمسجد الحرام، فاجتمع لهم بذلك شَرَفُ الزَّمَان، والمَكَان، والقَدْر. وقد أَلْفَيْتُهَا طَرِيقَةَ حَسَنَة، وَإِحْيَاء لِعَالَةِ لِلعُلَمَاءِ مَنْسِيّة؛ إذ حرص عليها عُلَمَاء من المغرب والمشرق قديمًا، فيستحضرون الكتب والأجزاء

1 / 3

لقراءتها داخل المسجد الحرام لبركة المكان؛ وذلك إما على وجه المذاكرة مع الأقران، أو الاستجازة من الشيوخ والمسندين. فهذا الحافظ ابن خَيْر الإِشبيلي (٥٧٥ هـ) يذكر أنه قرأ كتاب "التَّلْخِيص في القِرَاءَات الثمَان عَن القُرَّاء الثَّمَانِيَة المَشْهُورِين" لأبي معشر الطبري على الشيخ أبي جعفر أحمد بن شعبان الكلبي المكي بقراءته على شيخه بالحرم المكي الشريف (١). والحافظ المسند التُّجيبي، قرأ كتاب صحيح الإِمام البخاري على الشيخين فخر الدِّين أبي عمرو التَّوْزَري المالكي، وظهير الدِّين أبي الفداء المصري الشافعي داخل الحرم الشريف تجاه الكعبة المعظَّمة، وسمع جزءًا فيه حديث الرحمة المسلسل بشرطه على شمس الدِّين أبي عبد الله الجَيَّاني الأندلسي بالحرم الشريف تجاه الكعبة المشرَّفة بإزاء باب العمرة، وغيرها من الكتب والأجزاء التي تحصَّلت له بقراءته وسماعه من الشيوخ داخل الحرم المكي الشريف (٢). ومن علماء المشرق الحافظ المحدِّث المتقن شمس الدِّين السخاوي (٩٠٢ هـ)، الذي تحصل له من ذلك الكثير والكثير (٣). وقد اخترت رسالتين لطيفتين للفقيه المتقن مَرْعِي الكَرمِي الحنبلي (١٠٣٣ هـ)، هما: "إِخْلاَصُ الوِدَادِ في صِدْقِ المِيعَاد"، ورسالة: "مَا يَفْعَلُه الأَطِبَّاءُ وَالدَّاعُونَ بِدَفْعِ شَرّ الطَّاعُون". _________ (١) فهرسة ابن خير ص ٣٠. (٢) برنامج التجيبي ص ٦٨، ١٧١، ٢٣٩. (٣) راجع لذلك كتابه الحافل في الترجمة لنفسه: "إِرْشَادُ الْغَاوِي بَل إِسْعَادُ الطَالِبِ وَالرَّاوِي بِتَرْجَمَةِ السَّخَاوي" (مخطوط ل/ ٢٧ أوغيرها).

1 / 4

رسالة "إِخْلاَصُ الوِدَادِ في صِدْقِ المِيعَاد" صدْقُ الوَعْدِ مِنَ الخِصَالِ الكريمة الفاضلة، التي اتَّصَفَ بها العرب في جاهليتهم قبل البعثة المحمدية، فمدحوا من يَصْدُقُ في وَعْدِه ويُوفي به، وذَمُّوا مَنْ يُخْلِفُه ولا يَحرِصُ عليه، يُصَدِّقُهم في ذلك قول عامر بن الطفيل: وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُه ... لأخْلِفُ إِيْعَادِي وَأُنْجِزُ مَوْعِدِي ومع مجيء الإِسلام أكَّدت النصوص الشرعية على الوفاء بالوعد وإنجازه، وجعله من كرائم الأخلاق التي يتَّصف بها المؤمنون، وفي مقابل ذلك -والعياذ بالله- الكذب في الوعد، وهو من الرَّذَائِل الخُلُقِية التي يَتَرَفَّع عنها المؤمن من عباد الله. وقد اهتمَّ الفقهاء بالكلام على حُكْمِ الوَفَاء بالوعد لما يترتب عليه من أحكام فقهية وقضائية؛ فَتَنَاوَلُوها ضمن كتاب "الأَيمان والنذور"، ولم يُغفِل الحديث عنها علماء العقائد من أهل السنَّة عند التفصيل في قضية إنفاذ وعد الله ووعيده، والرد على مذهب المعتزلة في ذلك. ومن العلماء الذين سَبَقُوا الشيخ مَرْعِي الكَرْمِي إلى التصنيف في

1 / 5