Ihbar al-ʿulamaʾ bi-ahbar al-hukamaʾ
اخبار العلماء بأخبار الحكماء
Investigator
إبراهيم شمس الدين
Publisher
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
Edition Number
الأولى 1426 هـ - 2005 م
فأنكر ذلك عليها فقالت والله ما بكائي لتفردي دون الطير بهذه الرزية إنما بكائي لما يأتي علي من الجور في مجلس الحكم.. ومن هذا الفصل وفي هذه المقالة يأمرني الشيخ بتصفح تصانيفه لأهدي إلى الناس عيوبه وما أجده من أغلوطاته ومعاذ الله فإن قدره يجل عن هذا غير أنني اتبعت غرضه والتمست منها فوجدتها لم تنتشر بأيدي الناس بمصر فنسبت ذلك إلى ضنته بها ثم أتحفني بعض أصدقائي برده على المؤيد أبي زيد حنين بن إسحاق في مسائله التي انتزعها لولده من كتب جالينوس فقرأت ترجمتها وإذا به قد وسمها بأغلوطات حنين فعلمت أن الله يمهل عبده لخطائه إلي وقت يشاء تصفحتها فرأيت كلامه فيها كلام من لم يحط بشيء مما فيها علما لعدم قراءتها على معلمي الصناعة وقد سلك في بعضها ضد المعرفة فكان كمن رام إدراك الألورا بحاسة الذوق والأصوات بحاسة الشم فلم يدرك شيئا وتطلبت في جميعها ما لا يجوز أن يجاب عنه فلم أجد إلا مسألة واحدة على ما حكى لي الثقة الأمين من جملة ما وجدها بخط ابن بكش فأخذها الشيخ وادعاها.. والمسألة صفتها هذه الصفة قال المؤيد حنين في قسمة الصفراء أن المح يكون من مخالطة البلغم للمرار الأحمر ولهذا صار أبرد من الحمراء وقال جالينوس أن المحبة تحدث من غلبة الحمراء فهي أسخن وأجف منها وهذا يظن مضادا لذلك ومخالفا له وحل هذه الشبهة يأتي بأهون سعي ذلك أن المحبة اسم مشترك يقع على الحمراء إذا نضجت بنفسها وهذه حارة ويقع عليها إذا خالطها البلغم فيردها بمخالطته لها ولهذا عين حنين على مخالطة البلغم لها وجالينوس أفردها بنفسها ولهذا لا يكونان اختلفا والدليل على أن اسم المحية مشترك أنه لو أفردنا إحداهما لم يكن للآخر اسم وإذا كان الأمر على هذا فما تعاندا في المعنى لكن اختلفا في دلالة الأسماء وفي الحقيقة المحية مشتقة من مح البيضة والمح يقع على الصفرة وعلى البياض والصفرة فمن سمى الجملة محا فقد أطلق حكم الجزء على الكل كما فعل حنين ومن سمى الصفرة مجا جاز كما فعل جالينوس ولو سئل حنين عما قاله جالينوس لقال بقوله ومثل ذلك كما يقال في كل صورة بقياس الهيولى عرضا وبقياس المركب جوهرا ولا يصح هذا إذا كان ليس إلا
Page 233