217

Akhbār al-ʿulamāʾ bi-akhbār al-ḥukamāʾ

اخبار العلماء بأخبار الحكماء

Editor

إبراهيم شمس الدين

Publisher

دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

Edition

الأولى 1426 هـ - 2005 م

Regions
Syria

المحاسن وديوان المعاني والمآثر ليودعه أدام الله تمكينه منها ما يراه ويلحق ما يستوقفه ويرضاه وعلى ذكره فما رأيت أحدا بمصر وهذه الأعمال أكثر من الراغب فيه وكل رئيس في هذه الديار متشوق إليه متشوف لوصوله مترقب متوقع ولو وصلت منه نسخة بلغ الجالب لها أمنيته في ريحها ونفعها وإلى الله تعالى أرغب في نشر فضيلته الباهرة ومحاسنه الزاهرة بجوده وكنت خرجت من بغداد وبدأت بلقاء مشايخ البلاد وخواصها واستملاء ما عندهم من آثارها وعجائبها فذكر لي أخبار مستطرقة وعجائب غريبة وأقطاع من الشعر رائفة ولضيق الوقت وسرعة الرسول أضربت عن أكثره واقتصرت عن أقله وكنت خرجت على اسم الله تعالى وبركته مستهل شهر رمضان سنة أربعين وأربعمائة مصعدا في نهر عيسى على الأنبار ووصلت إلى الرحبة بعد تسع عشرة رحلة وهي مدينة طيبة وفيها من أنواع الفواكه ما لا يحصى وبها تسعة عشر نوعا من الأعناب وهي متوسطة بين الأنبار وحلب وتكريت والموصل وسنجار والجزيرة وبينها وبين قصر الرصافة مسيرة أربعة أيام ورحلنا من الرصافة إلى حلب في أربع رحلات وهي بلد بالحجر الأبيض فيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما مكان المذبح الذي كان قرب عليه إبراهيم عليه السلام وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبأ فيها غنمه وإذا حليها أضاف بلبتها الناس فكانوا يقولون حلب أم لا ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك فسميت حلب وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير والفقهاء يفننون على مذهب الإمامية وشرب أهل البلد من صهاريج وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري وهو قليل الفاكهة والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من الروم وما بحلب موضع خراب ومنه خرجنا من حلب طالبين أنطاكية وبين حلب وبينها يوم وليلة فبتنا في بلدة للروم تعرف بعم فيها عين جارية يصاد منها السمك ويدور عليها رحا وفيها من الخنازير والنساء العواهر والزنا والخمور أمر عظيم وفيها أربع كنائس وجامع يؤذن فيها سرا والمسافة التي بين حلب وأنطاكية أرض ما فيها خراب أصلا إلا أرض زرع للحنطة والشعير بجنب شجر الزيتون وقراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها متفجرة وأنطاكية بلد عظيم ذو سور وفصيل ولسوره ثلاثمائة وستون برجا يطوف عليها بنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك فيضمنون حراسة

Page 223