143

Akhbār al-ʿulamāʾ bi-akhbār al-ḥukamāʾ

اخبار العلماء بأخبار الحكماء

Editor

إبراهيم شمس الدين

Publisher

دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

Edition

الأولى 1426 هـ - 2005 م

Regions
Syria

يطلق لكل واحد منهم ما يصلح أن يتصرف فيه من الصناعة وبلغ عددهم في الجانبين من بغداد ثمانمائة ونيفا وستين رجلا سوى من استغنى عن امتحانه باشتهاره بالتقدم في الصناعة وسوى من كان في خدمة السلطان ومن ظريف ما جرى في امتحان الأطباء أنه أحضر إلى سنان رجل مليح البزة والهيئة ذو هيبة ووقار فأكرمه سنان على موجب منظره ورفعه وصار إذا جرى أمر التفت إليه ولم يزل كذلك حتى انقضى شغله في ذلك اليوم ثم التفت إليه سنان فقال قد اشتهيت أن أسمع من الشيخ شيئا أحفظ عنه وأن يذكر شيخه في الصناعة فأخرج الشيخ من كمه قرطاسا فيه دنانير صالحة ووضعها بين يدي سنان وقال ما أحسن أن أكتب ولا أقرأ ولا قرأت شيئا جملة ولي عيال ومعاشي دار دائرة وأسألك أن لا تقطعه عني فضحك سنان وقال على شريطة أنك لا تهجم علي مريض لما لم تعلم ولا تشير بفصد ولا بدواء مسهل إلا لما قرب من الأمراض قالا الشيخ هذا مذهبي مذ كنت وأحضر إليه غلام شاب حسن البزة مليح الوجه ذكي فنظر إليه سنان وقال له علي من قرأت قال علي أبي قال ومن أبوك قال الشيخ الذي كان عندك بالأمس قال نعم الشيخ وأنت مذهبه قال نعم قال لا تتجاوزه وانصرف مصاحبا.

ومن أخباره أنه لما مات الراضي استدعي بجكم سنانا وكان بواسط العراق وسأله الانحدار إليه ولم يتمكن من الطلوع في ذلك قبل موت الراضي لملازمة سنان بخدمته فانحدر إليه وأكرمه ووصله وقال له أريد أن أعتمد عليك في تدبيري وتفقد جسمي والنظر إلى مصالحه وفي أمر أخلاقي لثقتي بعقلك وفضلك ودينك ومروءتك فقد غلبني الغضب وغمني ذلك حتى أنني أخرج إلى ما أندم عليه عند سكوته من ضرب أو قتل وأسألك أن تتفقد عيوبي وتصدقني فيها وترشدني إلى علاجها لتزول عني فقال سنان إنما بحيث يأمر الأمير ولكن أنك أيها الأمير قد أصبحت وليس فوق يدك يد لأحد من المخلوقين وإنك مالك لكل ما تريده قادر عليه أي وقت أردته ولا يمكن لأحد منعك والغضب والغيظ يحدثان سكرا أشد من سكر النبيذ وكما أن الإنسان يفعل في سكره ما لا يقوله ولا يذكره إذا صحا ويندم عليه إذا حدث به استحياء كذلك يحدث له ي سكر الغضب والغيظ بل اشد فإذا بدأ بك

Page 149