مُقَدّمَة الْمُؤلف
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَا توفيقي الا بِاللَّه
اما بعد حمد الله الَّذِي فضل هَذِه الامة على سَائِر الامم وَجعل للصدر الاول من ذَلِك اكثر الانصباء واوفر الْقسم واختصهم لصحبة نبيه ﵇ الْمَبْعُوث بمحاسن الشيم ومجامع الحكم وهداهم بِمَا شهدُوا من احواله وفهموا من اقواله وشاهدوا من افعاله الى ارشد لقم فهم خير الْقُرُون بالاجماع واولاها بالاقتداء والاتباع واهل الْبَأْس وَالْكَرم
فَهَذَا تَحْقِيق مَا اخْتلف فِيهِ من الِاحْتِجَاج بأقوالهم المنفردة وَمَا فِي ذَلِك من الْمذَاهب المتعددة مَعَ بَيَان مداركها وايضاح مسالكها وَالْجَوَاب عَمَّا لَا يعْتَمد مِنْهَا وازاحة الشّبَه والانفصال عَنْهَا
وعَلى الله الِاعْتِمَاد وَمِنْه العون واياه نسْأَل التَّوْفِيق والصون فَهُوَ على كل شَيْء قدير وبالاسعاف جدير
وَالْكَلَام فِي هَذِه المسالة ينْحَصر فِي اطراف
1 / 19
الطّرف الاول قَول الصَّحَابِيّ اذا اشْتهر بَينهم جَمِيعًا وَلم ينكروه
اذا قَالَ الْوَاحِد مِنْهُم قولا اَوْ اكثر من الْوَاحِد كالاثنين وَالثَّلَاثَة واشتهر ذَلِك بَين البَاقِينَ وَلم ينكروه وَلَا ظهر مِنْهُم مُوَافقَة لذَلِك الْقَائِل بقول اَوْ فعل وَلَا انكار
وَهَذَا هُوَ الْمُسَمّى الاجماع السكوتي
ولائمة الاصوليين فِي تصَوره طَرِيقَانِ
احداهما من جعل ذَلِك فِي حق كل عصر من عصور الْمُجْتَهدين وَهَذَا هُوَ الَّذِي صرح بِهِ الْحَنَفِيَّة فِي كتبهمْ وامام الْحَرَمَيْنِ وَالشَّيْخ ابو اسحاق الشِّيرَازِيّ فِي شرح اللمع وفخر الدّين الرَّازِيّ فِي كتبه وَسَائِر اصحابه وَسيف الدّين الامدي وَابْن الْحَاجِب فِي مختصريه وَغَيرهم والقرافي من الْمَالِكِيَّة وَغَيره من المتاخرين
وتفصيل الْمذَاهب على هَذِه الطَّرِيقَة ان احْمَد بن حَنْبَل وَجُمْهُور الْحَنَفِيَّة وَكَثِيرًا من اصحابنا قَالُوا انه اجماع وَحجَّة وَمِنْهُم من عزاها الى الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ قَالَ بعض الْمُعْتَزلَة لَكِن شَرط الجبائي ابو عَليّ وَغَيره مِنْهُم فِي ذَلِك انْقِرَاض الْعَصْر
وَالَّذِي ذهب اليه جُمْهُور اصحابنا وَبَعض الْحَنَفِيَّة وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ ان ذَلِك لَا يكون اجماعا وَلَا حجَّة قَالَ الامام فِي الْبُرْهَان هُوَ ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي وَنَقله الْغَزالِيّ فِي المنخول عَن الْجَدِيد
1 / 20
وَذهب ابو بكر الصَّيْرَفِي من اصحابنا وابو هَاشم بن الجبائي الى انه حجَّة وَلَيْسَ باجماع
وَقَالَ ابو عَليّ بن ابي هُرَيْرَة ان كَانَ ذَلِك حكما من الاحكام لم يكن سكُوت البَاقِينَ اجماعا وَلَا حجَّة وان فَتْوَى كَانَ سكوتهم اجماعا
وَعكس الاستاذ ابو اسحاق الاسفرائيني فَقَالَ يكون اجماعا فِي الحكم دون الْفتيا
وَاخْتَارَ الامدي فِي الاحكام انه يكون حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع وَهُوَ قريب من قَول الصَّيْرَفِي وابي هَاشم
وَوَافَقَهُ ابْن الْحَاجِب فِي مُخْتَصره الْكَبِير وردد فِي مُخْتَصره الصَّغِير اخْتِيَاره بَين ان يكون اجماعا اَوْ حجَّة
وَالطَّرِيق الثَّانِيَة قَول من خص صُورَة الْمَسْأَلَة بعصر الصَّحَابَة ﵃ دون من بعدهمْ
قَالَ ذَلِك من اصحابنا ابو الْحُسَيْن الْقطَّان فِي كِتَابه اصول الْفِقْه وابو نصر بن الصّباغ فِي كِتَابه الْعدة وابو المظفر بن السَّمْعَانِيّ فِي كِتَابه الْحجَّة وَالْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى والمنخول وَابْن برهَان وَغَيرهم وَقَالَهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب من الْمَالِكِيَّة وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيّ من متأخريهم كَمَا سَيَأْتِي وَالشَّيْخ موفق الدّين الْحَنْبَلِيّ فِي الرَّوْضَة وَخَصه بالمسائل التكليفية وَقَالَ عَن احْمَد مَا يدل على انه اجماع
وَحكى هَؤُلَاءِ الْمذَاهب نَحوا مِمَّا تقدم
وَنقل ابْن السَّمْعَانِيّ عَن ابي بكر الصَّيْرَفِي انه قَالَ فِي كَونه حجَّة لَا اجماعا
1 / 21
وَقيل ان هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ وَبِه قَالَ الْكَرْخِي من الْحَنَفِيَّة وَبَعض الْمُعْتَزلَة
وَحكى القَوْل بِكَوْنِهِ اجماعا فِي صُورَة الحكم دون الْفَتْوَى عَن ابي اسحاق الْمروزِي لَا عَن الاستاذ ابي اسحاق
وَقَالَ القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي ان كَانَ من غير عصر الصَّحَابَة فَلَا يكون انتشار قَول الْوَاحِد مِنْهُم مَعَ امساك غَيره اجماعا وَلَا حجَّة وان كَانَ فِي عصر الصَّحَابَة ﵃ فاذا قَالَ الْوَاحِد مِنْهُم قولا اَوْ حكم بِهِ فامسك الْبَاقُونَ فَهَذَا على ضَرْبَيْنِ
احدهما ان يكون فِيمَا يفوت استدراكه كاراقة دم اَوْ اسْتِبَاحَة فرج فَيكون اجماعا لانهم لَو اعتقدوا خِلَافه لانكروه اذ لَا يَصح مِنْهُم ان يتفقوا على ترك انكار مُنكر
وَثَانِيهمَا ان كَانَ مِمَّا لَا يفوت استدراكه كَانَ حجَّة لَان الْحق لَا يخرج عَنْهُم وَفِي كَونه اجماعا يمْنَع الِاجْتِهَاد وَجْهَان لاصحابنا احدهما يكون اجماعا لَا يسوغ مَعَه الِاجْتِهَاد وَالثَّانِي لَا يكون اجماعا وَسَوَاء كَانَ هَذَا القَوْل حكما اَوْ فتيا
وَفرق ابو عَليّ ابْن ابي هُرَيْرَة فَجعله اجماعا ان كَانَ فتيا وَلم يَجعله اجماعا ان كَانَ حكما وَعَكسه غَيره من اصحابنا انْتهى كَلَامه
وَاخْتَارَ امام الْحَرَمَيْنِ فِي اخر الْمَسْأَلَة انه ان كَانَ ذَلِك مِمَّا يَدُوم ويتكرر وُقُوعه والخوض فِيهِ فانه يكون السُّكُوت اجماعا وان صُورَة الْخلاف فِي السألة اذا فرض السُّكُوت فِي الزَّمن الْيَسِير
1 / 22
وَقد تقدم انه فرض الْمَسْأَلَة بِالنِّسْبَةِ الى كل عصر لَا فِي عصر الصَّحَابَة فَقَط
وَهَذَا قريب من اخْتِيَار ابْن الْخَطِيب فِي قَول الصَّحَابِيّ اذا لم ينتشر وَكَانَ فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى انه حجَّة كَمَا سَيَأْتِي ان شَاءَ الله تَعَالَى
تَرْجِيح
وَالْمَقْصُود ان الطَّرِيقَة الثَّانِيَة وَهِي تَخْصِيص الْمَسْأَلَة بعصر الصَّحَابَة ﵃ اظهر من الطَّرِيقَة الاولى وَذَلِكَ لَان من قَالَ يكون حجَّة وَلَا يكون اجماعا انما يتَوَجَّه اذا فرض ذَلِك فِي حق الصَّحَابَة لَان منصبهم الشريف لَا يَقْتَضِي السُّكُوت عَن مثل ذَلِك مَعَ مخالفتهم فِيهِ لما عرف من عَادَتهم وَهَذَا لَا يجىء فِي حق غير الصَّحَابَة كَيفَ والتعلق هُنَا انما هُوَ بقول الْمُفْتِي اَوْ الْحَاكِم فَقَط لانه مَبْنِيّ على السَّاكِت لَا ينْسب اليه قَول كَمَا نقل عَن الامام الشَّافِعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَلَا حجَّة فِي قَول اُحْدُ من الْمُجْتَهدين بعد الصَّحَابَة بالِاتِّفَاقِ فاذا لم يكن ذَلِك اجماعا فَكيف يكون حجَّة بِخِلَاف مَا اذا كَانَ ذَلِك قَول صَحَابِيّ فان ذَلِك اذا لم يكن سكوتهم عَن مثله اجماعا فيصلح للاحتجاج بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ان شَاءَ الله
ثمَّ ان الشَّافِعِي ﵀ احْتج فِي كتاب الرسَالَة لاثبات الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد وبالقياس بِأَن بعض الصَّحَابَة عمل بِهِ وَلم يظْهر من البَاقِينَ انكار لذَلِك فَكَانَ ذَلِك اجماعا هَذَا معنى كَلَامه فَيحْتَمل ان يُقَال لَهُ
1 / 23
فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ كَمَا حَكَاهُمَا ابْن الْحَاجِب وَيحْتَمل ان ينزل الْقَوْلَانِ على حَالين وَذَلِكَ باحد طَرِيقين
احدهما ان يكون حَيْثُ اثْبتْ القَوْل بانه اجماع اراد بذلك عصر الصَّحَابَة ﵃ كَمَا اسْتدلَّ بِهِ لخَبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس وَحَيْثُ قَالَ لَا ينْسب الى سَاكِت قَول اراد بذلك من بعد الصَّحَابَة وَهَذَا اولى من ان يَجْعَل لَهُ قَولَانِ متناقضان فِي الْمَسْأَلَة من اصلها
وَالثَّانِي ان يحمل نَفْيه على مَا لم يتَكَرَّر من القضايا اَوْ لم تعم بِهِ الْبلوى وَيحمل القَوْل الاخر فِي الرسَالَة على مَا كَانَ كَذَلِك كَمَا اخْتَارَهُ امام الْحَرَمَيْنِ وَابْن الْخَطِيب لَان الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد بِالْقِيَاسِ مِمَّا يتَكَرَّر وتعم بِهِ الْبلوى
وكل من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ مُحْتَمل
1 / 24
ادلة الاقوال الْمُتَقَدّمَة
الْكَلَام الان فِيمَا اسْتدلَّ بِهِ كل من قَالَ بقول مِمَّا تقدم
اولا احْتج الْقَائِلُونَ بانه لَيْسَ باجماع وَلَا حجَّة بَان سكُوت الساكتين لَا يدل على الْمُوَافقَة لَا صَرِيحًا وَلَا ظَاهرا
اما نفي الصراحة فَظَاهر
واما نفي دلَالَته ظَاهرا فلَان السُّكُوت يحْتَمل وُجُوهًا
احدها الْمُوَافقَة وَالرِّضَا بذلك
وَثَانِيها انه لم يجْتَهد فِي الْمَسْأَلَة
وَثَالِثهَا انه اجْتهد وَلم يظْهر لَهُ شَيْء
وَرَابِعهَا انه ظهر لَهُ مَا يَقْتَضِي خلاف ذَلِك القَوْل لكنه لم يُبْدِهِ اما لاعْتِقَاده ان كل مُجْتَهد مُصِيب واما لظَنّه ان غَيره كفى الْقيام بذلك واما لهيبة الْقَائِل كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس ﵄ فِي مَسْأَلَة نفي الْعَوْل وَقد قيل
1 / 25
لَهُ لم لَا رددت على عمر ﵁ فَقَالَ هِبته وَالله واما للخوف من ثوران فتْنَة كَمَا وَقع لكثير من الصَّحَابَة مَعَ بني امية واما انه راى ان الانكار لَا يجدي شَيْئا
وكل هَذِه الِاحْتِمَالَات منقدحة على السوَاء لَا تَرْجِيح لاحدها على الاخر فَلَا يكون السُّكُوت دَالا على الْمُوَافقَة بطرِيق الظُّهُور
واذا انْتَفَى ان يكون اجماعا فَلَا يكون حجَّة لَان هَذَا قَول بعض الامة والعصمة انما ثبتَتْ لجميعهم لَا حجية الا فِي المدارك الْمَعْرُوفَة من الْكتاب وَالسّنة والاجماع وَالْقِيَاس وَلَيْسَ هَذَا شَيْئا مِنْهَا
ثَانِيًا واجاب الْقَائِلُونَ بِكَوْنِهِ اجماعا عَن ذَلِك بَان احْتِمَال الرِّضَا والموافقة اظهر من بَقِيَّة الِاحْتِمَالَات لَان الله تَعَالَى وصف هَذِه الامة بانهم خير امة اخرجت للنَّاس يامرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر فَلَا يَصح من جَمِيعهم الاطباق على ترك انكار الْمُنكر لَان فرض الْمَسْأَلَة فِيمَا بلغ الحكم جَمِيع الْمُجْتَهدين
1 / 26
ثمَّ الْعَادة جَارِيَة فِي كل عصر بِأَن من كَانَ عِنْده خلاف فِي شَيْء من مسَائِل الِاجْتِهَاد أبداه وَلم يسكت وانهم كَانُوا إِذا نزلت بهم نازلة فزعوا فِيهَا إِلَى الآجتهاد وَطلب الحكم
فَهَذَا كُله مِمَّا يرجح احْتِمَال الْمُوَافقَة وَالرِّضَا وَبَقِيَّة الاحتم الات وَإِن كَانَت منقدحة عقلا خلاف الظَّاهِر من أَحْوَال أَرْبَاب الدّين واهل الْحل وَالْعقد
فَفِي ترك الِاجْتِهَاد إهمال حكم الله تَعَالَى فِيمَا وَجب عَلَيْهِم وَلَا يظنّ بهم ذَلِك لما فِيهِ من الْمعْصِيَة وألأصل براءتهم مِنْهَا
1 / 27
وَأما كَونه لم يظْهر لَهُم وَجه الحكم فَهُوَ بعيد ايضا بل مَرْجُوح لِأَن الظَّاهِر أَنه مَا من حكم إِلَّا وَللَّه عَلَيْهِ أَمَارَات وَدَلَائِل تدل عَلَيْهِ وَالظَّاهِر مِمَّن لَهُ أَهْلِيَّة الآجتهاد الآطلآع على ذَلِك وَيلْزم من تَجْوِيز ذَلِك على جَمِيعهم خلو الْعَصْر عَن قَائِم لله بِالْحجَّةِ لَا سِيمَا أهل الْأَعْصَار الأول قبل اسْتِقْرَار الْمذَاهب وَغَلَبَة المقلدين فَإِن ذَلِك فِي تِلْكَ الْأَعْصَار مِمَّا يقطع بِعَدَمِهِ
وَأما احْتِمَال ظَنّه أَن غَيره كفى الْكَلَام فِي ذَلِك فَهُوَ وَإِن كَانَ مجوزا فَلَا يَصح تطابق الْجَمِيع على ذَلِك وَالْعَادَة قاضية بِخِلَافِهِ وَلَا سِيمَا مَعَ قرب بَعضهم من بعض واطلاعهم على مَا يصدر عَنْهُم غَالِبا
وَأما اعْتِقَاد أَن كل مُجْتَهد مُصِيب فَلَيْسَ ذَلِك قولا لأحد من الصَّحَابَة وَإِنَّمَا ينقدح هَذَا فِيمَن بعدهمْ
وَكَذَلِكَ بَقِيَّة الإحتمالات من الهيبة وَالْخَوْف من ثوران فتْنَة والتقية وَظن أَن الْإِنْكَار لَا يجدي شَيْئا كل ذَلِك بعيد مَرْجُوح بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَال الصَّحَابَة فقد أَنْكَرُوا الْكثير على الْأَئِمَّة وعَلى غَيرهم فِي مسَائِل الْجد وَالإِخْوَة والعول وَقَوله أَنْت عَليّ حرَام وَقَالَ عَليّ
1 / 28
لعمر ﵁ حِين أَرَادَ جلد الْحَامِل لَيْسَ لَك سَبِيل على مَا فِي بَطنهَا وَكَذَلِكَ فِي إِعَادَة الْجلد فِي قصَّة الْمُغيرَة وَكَذَلِكَ على عُثْمَان ﵁ فِي إِنْكَاره الْقُرْآن بَين الْحَج وَالْعمْرَة وَأنْكرت أمْرَأَة على عمر ﵁ فِي قَوْله لَا تغَالوا بمهور النِّسَاء والوقائع فِي مثل هَذَا كَثِيرَة جدا حَتَّى من التَّابِعين أَيْضا من الصَّحَابَة فقد قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي لعَلي ﵁ فِي مَسْأَلَة بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد رَأْيك مَعَ عمر فِي حَال الإجتماع أحب إِلَيْنَا من رَأْيك وَحدك فِي الْفِتْنَة
وَأما سكُوت من سكت لبني أُميَّة فَذَلِك فِيمَا يتَعَلَّق بشأن الْخلَافَة وَنَحْوهَا وَلَيْسَ الْكَلَام فِي ذَلِك وكل هَذِه مِمَّا يُقَوي اخْتِصَاص الْمَسْأَلَة بعصر
1 / 29
الصَّحَابَة ﵃ لما جعلهم الله عَلَيْهِ من الصدع بِالْحَقِّ وَالْقُوَّة فِي الدّين وَأَنَّهُمْ لَا تأخذهم فِي الله لومة لائم وَأَنَّهُمْ خير قُرُون هَذِه الْأمة لَا سِيمَا فِيمَا يتَكَرَّر وُقُوعه أَو تعم الْبلوى بِهِ وَمَعَ طول الزَّمن وانقراض الْعَصْر
ثمَّ لَو سلم أَن ذَلِك لَا يكون إِجْمَاعًا قَطْعِيا فَلَا ريب أَنه إِجْمَاع ظَنِّي فَيكون حجَّة
وَأَيْضًا فالمعروف من عَادَة التَّابِعين وَمن بعدهمْ الإحتجاج بِمثل ذَلِك إِذا اتَّصل بهم أَن بعض الصَّحَابَة قَالَ قولا وانتشر فِي البَاقِينَ وَلم ينكروه وَلَا يَخْلُو أحد من الْمُجْتَهدين من إِيرَاد مثل ذَلِك فِي كتبهمْ على وَجه والإحتجاج بِهِ فَلَو لم يكن الْإِجْمَاع السكوتي حجَّة لزم اتِّفَاقهم على الْبَاطِل
وَلَا يُقَال يلْزم أَن يكون الْإِجْمَاع السكوتي إِجْمَاعًا بِالْإِجْمَاع وَيكون الْمُخَالف فِيهِ خارقا للْإِجْمَاع وَلَيْسَ كَذَلِك لأَنا نقُول جَازَ أَن يكون من احْتج بِهِ فِي كل عصر لم احْتج بِهِ فِي كل عصر لم تتفق آراؤهم على كَونه إِجْمَاعًا وَرَآهُ الْآخرُونَ حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع
وَلَو سلم ذَلِك لمُخَالفَة للْإِجْمَاع الإستدلالي أَو الظني لَا يقْدَح فِي قَائِلهَا
ثَالِثا وَأما من قَالَ إِنَّه يكون حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع فاعتمد أَن الْإِجْمَاع إِنَّمَا
1 / 30
يكون عِنْد الْعلم بِاتِّفَاق الْمُجْتَهدين وَهُوَ مَفْقُود فِي هَذِه الصُّورَة فَانْتفى كَونه إِجْمَاعًا
وَأما كَونه حجَّة فَلِأَن الْعَادة تَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَو لم يكن صَحِيحا لما تطابق الْجَمِيع على السُّكُوت عَنهُ إِذا لم يكن هُنَاكَ مَانع قوي وَلَو كَانَ ثمَّ مَانع لظهر فَإِذا لم يظْهر ذَلِك وَلَا إِنْكَار صدر من أحد مِنْهُم لذَلِك القَوْل فيبعد إِلَّا يكون الْحق فِي ذَلِك القَوْل بعد قَوِيا فَيكون حجَّة لِئَلَّا الْمَحْذُور بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الْعَصْر وَعدم إظهارهم الْمُخَالفَة
وَأما ابْن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ الْعَادة جَارِيَة بالإعتراض على الْمُفْتِي دون الْحُكَّام لما فِي الإعتراض على الْحُكَّام من ثوران الْفِتَن فَإِذا سكتوا عَن الْفتيا فَإِن سكوتهم دَال على الْمُوَافقَة دون مَا إِذا سكتوا عَن الحكم
وَقَالَ من عكس ذَلِك هَذَا فِي الحكم أولى لما كَانَت الْعَادة جَارِيَة بِهِ من أَن الْحَاكِم يشاور وَيُرَاجع أهل النّظر بِخِلَاف الْفَتْوَى فَإِنَّهَا تقع غَالِبا عَن الإستبداد
وَاعْترض على الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْفَتْوَى وَالْحكم وَقد تقدم أَنهم اعْترضُوا على الْخُلَفَاء فِي أحكامهم كثيرا
وَفِي الْمَسْأَلَة مبَاحث كَثِيرَة للأصوليين من التقديرات المجوزة لسنا بصدد ذكرهَا
مَرَاتِب الْإِجْمَاع السكوتي
وَالْمَقْصُود أَن هُنَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي الْقُوَّة والضعف
إِحْدَاهَا فرض ذَلِك فِي كل عصر وَهَذَا إِن كَانَ بعد اسْتِقْرَار الْمذَاهب فَلَا أثر للسكوت قطعا وَإِن كَانَ قبل ذَلِك فَفِيهِ مَا تقدم من الْخلاف
1 / 31
وَفِي جعله إِجْمَاعًا ظنيا نظر وَكَونه حجَّة وَلَيْسَ بِإِجْمَاع أبعد من ذَلِك
وَثَانِيها أَن يكون ذَلِك فِي عصر الصَّحَابَة ﵃ فَهُوَ أقوى من الأول وَأولى بِأَن يكون السُّكُوت مِنْهُم دَلِيلا على الْمُوَافقَة لعلو مرتبتهم فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَعدم المذاهبة على من بعدهمْ وَإِن كَانَ لم يكن إِجْمَاعًا فَالظَّاهِر أَنه حجَّة لما تقدم
وَثَالِثهَا أَن يكون ذَلِك فِيمَا يتَكَرَّر وُقُوعه فَهُوَ أولى بِأَن يكون إِجْمَاعًا أَو حجَّة لِأَن تِلْكَ الإحتمالات الْمقدرَة تبعد فِيهِ بعدا قَوِيا
وَرَابِعهَا أَن يكون فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى فكون ذَلِك إِجْمَاعًا أقوى مِمَّا قبله
1 / 32
وَأظْهر فِي الحجية لِأَن انتشار ذَلِك الحكم مَعَ عُمُوم الْبلوى بِهِ يَقْتَضِي علمهمْ بذلك الحكم وموافقتهم فِيهِ وَإِلَّا لزم تطابقهم على ترك إِنْكَاره
وخامسها أَن يكون فِيمَا يفوت وقته كالدماء والفروج كَمَا صُورَة الْمَاوَرْدِيّ فاشتهار ذَلِك بَينهم مَعَ سكُوت البَاقِينَ عَنهُ يدل على الرِّضَا أقوى مِمَّا فِي الصُّور الْمُتَقَدّمَة إِلَّا أَن صورته فِيمَا تعم بِهِ الْبلوى ويتكرر وُقُوعه أظهر أَو الْكل على السوَاء
وَالْقَوْل بحجية ذَلِك وَإِن لم يكن إِجْمَاعًا قوي إِذا قيل بِأَن قَول الصَّحَابِيّ بمفرده لَا يكون حجَّة وَالله سُبْحَانَهُ أعلم
الطّرف الثَّانِي قَول الصَّحَابِيّ إِذا طلع عَلَيْهِ غَيره وَلم يعلم انتشاره بَينهم جمعيهم
أَن يثبت للصحابي قَول أَو حكمه فِي مَسْأَلَة وَيعلم اطلَاع غَيره من الصَّحَابَة عَلَيْهِ أَو انتشاره بَينهم دون انتشاره بَين الْجَمِيع وَلَا يُؤثر عَن غَيره فِيهِ مُخَالفَة لَهُ
فَهَذَا دون الَّتِي قبله هَذِه لعدم اشتهاره بَين الْجَمِيع وَإِن كَانَ انْتَشَر بَينهم فِي الْجُمْلَة
وَبِهَذَا قَيده أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ من الْمَالِكِيَّة وَالشَّيْخ صفي الدّين الأرموي فِي كِتَابه نِهَايَة الْوُصُول
وَمِنْهُم من أطلق القَوْل فِي ذَلِك وَلم يُقَيِّدهُ بالإنتشار
1 / 33
والمحكي فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا أَنه إِجْمَاع وَهُوَ بعيد جدا لِأَن الْإِجْمَاع عبارَة عَن اتِّفَاق جَمِيع الْمُجْتَهدين من أهل الْعَصْر وَذَلِكَ إِمَّا بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ اتِّفَاقًا وَإِمَّا بقول الْبَعْض وسكوت البَاقِينَ مَعَ اطلاعهم على القَوْل الْمُتَقَدّم فَأَما إِذا لم يعلمُوا فَيمْتَنع رضاهم بِهِ أَو ردهم لَهُ
وَالثَّانِي أَنه حجَّة وَإِن قُلْنَا إِن قَول الصَّحَابِيّ بمفرده لَيْسَ بِحجَّة لِأَنَّهُ لما انْتَشَر ذَلِك القَوْل وَلم يظْهر خلاف علم أَنه قد سَمعه الْأَكْثَر فأقروه عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يكون مِنْهُم إِلَّا عَن ثَبت وَدَلِيل لما يعلم من صلابتهم فِي الدّين وتحقيقهم فِيهِ
وَالثَّالِث وَهُوَ اخْتِيَار فَخر الدّين الرَّازِيّ إِن كَانَ ذَلِك مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى وَتَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ فَهُوَ يجْرِي مجْرى الْإِجْمَاع أَو يكون حجَّة
1 / 34
الطّرف الثَّالِث قَول الصَّحَابِيّ إِذا لم يشْتَهر وَلم يُخَالِفهُ غَيره
أَن يَقُول الصَّحَابِيّ قولا أَو يحكم بِحكم وَلم يثبت فِيهِ اشتهار وَلَا يُؤثر عَن غير من الصَّحَابَة مُخَالفَة فِي ذَلِك
وَهَذِه الصُّورَة هِيَ أَكثر مَا يُوجد عَنْهُم
وللعلماء فِيهَا أَقْوَال مُتعَدِّدَة وَالْكَلَام فِي مقامين
الْمقَام الأول
فِي كَونه حجَّة شَرْعِيَّة تقدم على الْقيَاس وَالَّذِي يتَحَصَّل فِي ذَلِك مَذَاهِب
أَحدهَا أَنه حجَّة مُطلقًا
وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ بِحجَّة مُطلقًا
وَالثَّالِث أَن الْحجَّة قَول أبي بكر وَعمر ﵄ دون غَيرهمَا
وَالرَّابِع أَن الْحجَّة قَول الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ﵃ فَقَط
وَالْخَامِس أَن قَول الصَّحَابِيّ فِيمَا لَا يدْرك قِيَاسا فَهُوَ حجَّة دون مَا يدْرك بِالْقِيَاسِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يعبر عَنهُ ابْن الْحَاجِب بِأَنَّهُ حجَّة إِذا خَالف الْقيَاس
وَالسَّادِس إِن كَانَ من أهل الْعلم والإجتهاد فَقَوله حجَّة وَإِلَّا فَلَا قَالَه العالمي من الْحَنَفِيَّة فِي كِتَابه حاكيا لَهُ عَن أَصْحَابهم وَالْجُمْهُور لم يفصلوا هَذَا التَّفْصِيل بل أطْلقُوا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّحَابَة ﵃
1 / 35
فَأَما القَوْل بِكَوْنِهِ حجَّة فَهُوَ مَذْهَب مَالك وَجُمْهُور أَصْحَابه وسُفْيَان الثَّوْريّ وَجُمْهُور أهل الحَدِيث وَكثير من الْحَنَفِيَّة كَأبي يُوسُف وَأبي سعيد البرذعي وَأبي بكر الرَّازِيّ وَعَزاهُ الْأَصْحَاب إِلَى الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك فَقَط كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ رِوَايَة مَشْهُورَة عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَبِه قَالَ أَكثر أَصْحَابه وَهُوَ مُقْتَضى أجوبته وتصرفاته فِي كثير من الْمسَائِل
وَأما القَوْل بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحجَّة مُطلقًا فإليه ذهب جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ من أَصْحَابنَا والمعتزلة وَهُوَ الَّذِي عزاهُ الْأَصْحَاب إِلَى الْجَدِيد من قَول الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ وأوما إِلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل فَجعل ذَلِك رِوَايَة ثَانِيَة عَنهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب من أَصْحَابه وَإِلَيْهِ يمِيل قَول مُحَمَّد بن الْحسن
وَذهب الْكَرْخِي من الْحَنَفِيَّة إِلَى أَن قَول الصَّحَابِيّ حجَّة فِيمَا لَا يدْرك بِالْقِيَاسِ وَهُوَ اخْتِيَار الْبَزْدَوِيّ وَابْن الساعاتي وَغَيرهمَا مِنْهُم
وَأما أَصْحَابنَا فقد تقدم أَنهم قطعُوا القَوْل عَن الإِمَام الشَّافِعِي بِأَن قَوْله الْقَدِيم أَنه حجَّة وَأَن قَول الْجَدِيد أَنه لَيْسَ بِحجَّة
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَان ذهب الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم إِلَى أَنه حجَّة يجب على الْمُجْتَهدين من أهل الْأَمْصَار التَّمَسُّك بهَا ثمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يكون حجَّة إِذا لم تخْتَلف الصَّحَابَة وَلَكِن نقل وَاحِد عَن وَاحِد وَلم يظْهر خِلَافه فَيكون حنيئذ حجَّة وَإِن لم ينتشر وَقَالَ فِي بعض أَقْوَاله إِذا اخْتلف الصَّحَابَة فالتمسك بقول الْخُلَفَاء أولى قَالَ الإِمَام وَهَذَا كالدليل على أَنه لم يسْقط الإحتجاج بأقوال الصَّحَابَة لأجل الإختلاف وَقَالَ فِي بعض أَقْوَاله إِن الْقيَاس الْجَلِيّ يقدم على قَول الصَّحَابِيّ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر إِن قَول الصَّحَابِيّ
1 / 36
مقدم على الْقيَاس انْتهى كَلَام الإِمَام
وَهَذِه الْأَقْوَال الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الإِمَام منصوصة للشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد أَيْضا فَإِنَّهُ قَالَ فِي كتاب الرسَالَة الجديدة فِي أَقْوَال أَصْحَاب النَّبِي ﷺ إِذا تفَرقُوا فِيهَا نصير إِلَى مَا وَافق الْكتاب أَو السّنة أَو الْإِجْمَاع أَو كَانَ أصح فِي الْقيَاس وَإِذا قَالَ وَاحِد مِنْهُم القَوْل لَا نَحْفَظ عَن غَيره مِنْهُم لَهُ مُوَافقَة وَلَا خلافًا صرت إِلَى اتِّبَاع قَول وَاحِد إِذا لم أجد كتابا وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاعًا وَلَا شَيْئا يحكم لَهُ بحكمة أَو وجد مَعَه قِيَاس
هَذَا نَصه ﵀ فِي الرسَالَة الْمَذْكُورَة من رِوَايَة الرّبيع بن سُلَيْمَان
1 / 37
وَمُقْتَضَاهُ تَقْدِيم الْقيَاس الْجَلِيّ على قَول الصَّحَابِيّ وَهُوَ المُرَاد إِن شَاءَ الله بقوله وَلَا شَيْئا فِي مَعْنَاهُ يحكم لَهُ بِحكمِهِ
وَيَقْتَضِي أَيْضا أَنه إِذا تعَارض قياسان وَأَحَدهمَا مَذْهَب الصَّحَابِيّ أَنه يقدم الْقيَاس الْمُوَافق لقَوْل الصَّحَابِيّ
وَقد حكى ابْن الصّباغ فِي كِتَابه الْعدة عَن بعض الْأَصْحَاب أَنه نقل عَن الشَّافِعِي أَنه إِذا كَانَ مَعَ قَول الصَّحَابِيّ قِيَاس ضَعِيف كَانَ أولى من الْقيَاس الصَّحِيح قولا وَاحِدًا ثمَّ ضعفه ابْن الصّباغ وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب الْأَقْضِيَة من الْحَاوِي عَن الْقَدِيم لكنه قَالَ ذَلِك فِي الْقيَاس الْخَفي مَعَ الْجَلِيّ وَأَن الْخَفي يقدم على الْجَلِيّ إِذا كَانَ مَعَ الأول قَول الصَّحَابِيّ قَالَ ثمَّ رَجَعَ عَنهُ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَقَالَ الْعَمَل بِالْقِيَاسِ الْجَلِيّ أولى
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع من الْحَاوِي فِي مَسْأَلَة البيع بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب قَول الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد أَن قِيَاس التَّقْرِيب إِذا انْضَمَّ إِلَى قَول الصَّحَابِيّ كَانَ أولى من قِيَاس التَّحْقِيق
وَقَالَ الشَّافِعِي ﵀ فِي كتاب اختلافه مَعَ مَالك وَهُوَ من الْكتب الجديدة أَيْضا مَا كَانَ الْكتاب أَو السّنة موجودين فالعذر على من سَمعهَا مَقْطُوع إِلَّا باتباعهما فَإِذا لم يكن ذَلِك صرنا إِلَى أقاويل أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ أَو وَاحِد مِنْهُم ثمَّ كَانَ قَول الْأَئِمَّة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان ﵃ أحب إِلَيْهَا إِذا صرنا إِلَى التَّقْلِيد وَذَلِكَ إِذا لم نجد دلَالَة فِي الإختلاف تدل على أقرب الإختلاف من الْكتاب وَالسّنة فنتبع القَوْل الَّذِي مَعَه الدّلَالَة لِأَن قَول الإِمَام مَشْهُور بِأَنَّهُ يلْزم النَّاس وَمن لزم قَوْله النَّاس كَانَ أظهر
1 / 38