207

Iḥyāʾ ʿulūm al-dīn

إحياء علوم الدين

Publisher

دار المعرفة

Publisher Location

بيروت

بأم الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خر ساجدًا ثم قال سبحان الذي لبس العز وقال به سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي المن والفضل سبحان ذي العز والكرم سبحان ذي الطول أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات العامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ثم يسال حاجته التي لا معصية فيها فيجاب إن شاء الله ﷿
قال وهيب بلغنا أنه كان يقال لا تعلموها لسفهائكم فيتعاونون بها على معصية الله ﷿
التاسعة صلاة التسبيح وهذه الصلاة مأثورة على وجها ولا تختص بوقت ولا بسبب ويستحب أن لا يخلو الأسبوع عنها مرة واحدة أو الشهر مرة
فقد روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله منها أنه ﷺ قال للعباس بن عبد المطلب ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك بشيء إذا أنت فعلته غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده سره وعلانيته تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم تقول سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله والله أكبر
خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشر مرات ثم ترفع من الركوع فتقولها قائما عشرا ثم تسجد فتقولها عشرًا ثم ترفع من السجود فتقولها جالسا عشرا ثم تسجد فتقولها وأنت ساجد عشرًا ثم ترفع من السجود فتقولها عشرًا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي السنة مرة (١) وفي رواية أخرى أنه يقول في أول الصلاة سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك ثم يسبح خمس عشرة تسبيحة قبل القراءة وعشرًا بعد القراءة والباقي كما سبق عشرًا عشرًا ولا يسبح بعد السجود الأخير قاعدا وهذا هو الأحسن وهو اختيار ابن المبارك
والمجموع من الروايتين ثلثمائة تسبيحة فإن صلاها نهارًا فبتسليمة واحدة وإن صلاها ليلًا فبتسليمتين أحسن إذ ورد
أن صلاة الليل مثنى مثنى (٢) وإن زاد بعد التسبيح قوله لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فهو حسن فقد ورد ذلك في بعض الروايات فهذه الصلوات المأثورة
ولا يستحب شيء من هذه النوافل في الأوقات المكروهة إلا تحية المسجد وما أوردناه بعد التحية من ركعتي الوضوء وصلاة السفر والخروج من المنزل والاستخارة فلا لأن النهي مؤكد وهذه الأسباب ضعيفة فلا تبلغ درجة الخسوف والاستسقاء والتحية
وقد رأيت بعض المتصوفة يصلي في الأوقات المكروهة ركعتي الوضوء وهو في غاية البعد لأن الوضوء لا يكون سببا الصلاة بل الصلاة سبب الوضوء
فينبغي أن يتوضأ ليصلي لا أنه يصلي لأنه توضأ
وكل محدث يريد أن يصلي في وقت الكراهية فلا سبيل له إلا أن يتوضأ ويصلي فلا يبقى للكراهية معنى
ولا ينبغي أن ينوي ركعتي الوضوء كما ينوي ركعتي التحية بل إذا توضأ صلى ركعتين تطوعًا كيلا يتعطل وضوءه كما كان يفعله بلال فهو تطوع محض يقع عقيب الوضوء
وحديث بلال لم يدل على أن الوضوء سبب كالخسوف والتحية حتى ينوي ركعتي الوضوء فيستحيل أن ينوي بالصلاة الوضوء بل ينبغي أن ينوي بالوضوء الصلاة
وكيف ينتظم أن يقول في وضوئه أتوضأ لصلاتي وفي صلاته يقول أصلي لوضوئي بل من أراد أن يحرس وضوءه عن التعطيل في وقت الكراهية فلينو قضاء إن كان يجوز أن يكون في ذمته صلاة تطرق إليها خلل لسبب من الأسباب فإن قضاء الصلوات في أوقات الكراهية غير مكروه فأمانية التطوع فلا وجه لها
ففي النهي في أوقات الكراهية مهمات ثلاثة

(١) حديث صلاة التسبيح تقدم
(٢) حديث صلاة الليل مثنى مثنى أخرجاه من حديث ابن عمر

1 / 207