181

Refinement of Rulings: Commentary on the Book of Essential Rulings

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

Publisher

مطبعة السنة المحمدية

٨٦ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» . ــ [إحكام الأحكام] مَنْ نَفَاهَا، أَوْ سَكَتَ عَنْهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ مُنْحَصِرَيْنِ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. فَإِنْ اُدُّعِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَثَبَتَ اتِّحَادُ الْوَقْتَيْنِ: فَذَاكَ [حَدِيثُ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ] الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ ﷺ سَمَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عَظْمًا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى عِظَامٍ وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ بَعْضِهَا. الثَّانِي: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ. وَالْوَاجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْهَا الْجَبْهَةُ، لَمْ يَتَرَدَّدْ قَوْلُهُ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ لِلْوُجُوبِ. وَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ. وَلَمْ أَرَهُمْ عَارَضُوا هَذَا بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ أَقْوَى مِنْ دَلَالَتِهِ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ ﷺ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ «ثُمَّ يَسْجُدُ فَيُمَكِّنُ جَبْهَتَهُ» وَهَذَا غَايَتُهُ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَتُهُ دَلَالَةَ مَفْهُومٍ وَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ، أَوْ غَايَةٍ. وَالْمَنْطُوقُ الدَّالُّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ: مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ، كَمَا مَرَّ لَنَا فِي قَوْلِهِ ﷺ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» مِنْ قَوْلِهِ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» فَإِنَّهُ ثَمَّةَ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الْعُمُومِ مِنْ وَجْهٍ، إذَا قَدَّمْنَا دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ. وَهَهُنَا إذَا قَدَّمْنَا دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ: أَسْقَطْنَا الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ - أَعْنِي الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ - مَعَ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهَا بِخُصُوصِهَا. وَأَضْعَفُ مِنْ هَذَا: مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «سَجَدَ

1 / 239