128

Refinement of Rulings: Commentary on the Book of Essential Rulings

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

Publisher

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] [حَدِيثُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ] حَدِيثُ عُمَرَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ سَبِّ الْمُشْرِكِينَ لِتَقْرِيرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ. لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ لَفْظَ السَّبِّ. فَيَنْبَغِي - مَعَ إطْلَاقِهِ - أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَيْسَ بِفُحْشٍ. [صَلَاة الْخَوْفِ] ١ وَقَوْلُهُ " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ " يَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّاهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا دَخَلَ عَلَى " كَادَ " تَقْتَضِي وُقُوعَ الْفِعْلِ فِي الْأَكْثَرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ ﷿ ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] وَكَذَا فِي الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ ﷺ " وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا " قِيلَ: فِي هَذَا الْقَسَمِ إشْفَاقٌ مِنْهُ ﷺ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا، وَتَحْقِيقُ هَذَا: أَنَّ الْقَسَمَ تَأْكِيدٌ لِلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ. وَفِي هَذَا الْقَسَمِ إشْعَارٌ بِبُعْدِ وُقُوعِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ وُقُوعُهُ. فَأَقْسَمَ عَلَى وُقُوعِهِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعْظِيمَ هَذَا التَّرْكِ. وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْإِشْفَاقِ مِنْهُ، أَوْ مَا يُقَارِبُ هَذَا الْمَعْنَى. وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ كَرَاهِيَةِ قَوْلِ الْقَائِلِ " مَا صَلَّيْنَا " خِلَافَ مَا يَتَوَهَّمُهُ قَوْمٌ مِنْ النَّاسِ. وَإِنَّمَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ هَذِهِ الصَّلَاةَ لِشُغْلِهِ بِالْقِتَالِ، كَمَا وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى» فَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ إلَى حَالَةِ الْأَمْنِ. وَالْفُقَهَاءُ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ وَرَدَ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ - فِيمَا قِيلَ: شُرِعَتْ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَهِيَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ. وَهُوَ أَنَّ الشُّغْلَ إنْ أَوْجَبَ النِّسْيَانَ، فَالتَّرْكُ لِلنِّسْيَانِ. وَرُبَّمَا اُدُّعِيَ الظُّهُورُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى النِّسْيَانِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ: تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْمَذْكُورِ لَفْظًا وَهُوَ الشُّغْلُ. وَقَوْلُهُ " فَقُمْنَا إلَى بَطْحَانَ " اسْمُ مَوْضِعٍ، يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَذَكَرَ غَيْرُهُمْ فِيهِ الْفَتْحَ فِي الْبَاءِ وَالْكَسْرَ فِي الطَّاءِ دُونَ الضَّمِّ. [صَلَاة الْفَوَائِتِ جَمَاعَةً] ١ وَقَوْلُهُ " فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا " قَدْ يُشْعِرُ بِصَلَاتِهِمْ مَعَهُ ﷺ جَمَاعَةً فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صَلَاةِ الْفَوَائِتِ جَمَاعَةً. وَقَوْلُهُ " فَصَلَّى الْعَصْرَ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ فِي الْقَضَاءِ. وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْقَلِيلِ مِنْ الْفَوَائِتِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَهِيَ مَا دُونَ الْخَمْسِ، وَفِي الْخَمْسِ خِلَافٌ. وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُطْلَقًا. فَإِذَا ضُمَّ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ

1 / 186