106

Ihkam Ahkam Sharh Cumdat Ahkam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Publisher

مطبعة السنة المحمدية

٤٥ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ لَقَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ، مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ، مِنْ الْغَلَسِ» . ــ [إحكام الأحكام] تَعْظِيمِهِ. وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ أَذَاهُمَا بِغَيْرِ مَا يَجِبُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ. وَأَمَّا مَا يَجِبُ مِنْ الْبِرِّ فِي غَيْرِ هَذَا: فَفِي ضَبْطِهِ إشْكَالٌ كَبِيرٌ. [الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى] ١ وَأَمَّا " الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى " فَمَرْتَبَتُهُ فِي الدِّينِ عَظِيمَةٌ. وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ وَسَائِلٌ. فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ. مِنْهَا مَا هُوَ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ. وَمِنْهَا مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى غَيْرِهِ. وَفَضِيلَةُ الْوَسِيلَةِ بِحَسَبِ فَضِيلَةِ الْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ. فَحَيْثُ تُعَظَّمُ فَضِيلَةُ الْمُتَوَسَّلِ إلَيْهِ تُعَظَّمُ فَضِيلَةُ الْوَسِيلَةِ. وَلَمَّا كَانَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَسِيلَةً إلَى إعْلَانِ الْإِيمَانِ وَنَشْرِهِ، وَإِخْمَالِ الْكُفْرِ وَدَحْضِهِ كَانَتْ فَضِيلَةُ الْجِهَادِ بِحَسَبِ فَضِيلَةِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [حَدِيثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْفَجْرَ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ] " الْمُرُوطُ " أَكْسِيَةٌ مُعْلَمَةٌ، تَكُونُ مِنْ خَزٍّ. وَتَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَ" مُتَلَفِّعَاتٍ " مُلْتَحِفَاتٍ، و" الْغَلَسُ " اخْتِلَاطُ ضِيَاءِ الصُّبْحِ بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَرَى التَّغْلِيسَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَقْدِيمَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، لَا سِيَّمَا مَعَ مَا رُوِيَ مِنْ طُولِ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ. وَهَذَا. مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَرَأَى أَنَّ الْإِسْفَارَ بِهَا أَفْضَلُ، لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شُهُودِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ بِالْمَسْجِدِ مَعَ الرِّجَالِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِنَّ عُجُزًا أَوْ شَوَابَّ. وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْخُرُوجَ لِلشَّوَابِّ. وَقَوْلُهَا " مُتَلَفِّعَاتٍ " بِالْعَيْنِ، وَيُرْوَى " مُتَلَفِّفَاتٍ " بِالْفَاءِ. وَالْمَعْنَى

1 / 164