180

Ighathat Malhuf

إغاثة الملهوف بالسيف المذكر لسعيد بن خلفان الخليلي

أولا : فهم أصحاب هذا الاتجاه قوله صلى الله عليه وسلم :" وأثرة علينا" بأنه استئثار الحاكم بالامتيازات والحقوق على حساب الأمة (¬1) ، فيه نظر، لأن اللفظ يحتمل أن يكون المعنى المراد هو أن الطاعة واجبة شرعا من غير أن تخضع للأمزجة والأهواء والمصالح ولا حتى متأثرة بالاختلاف مع الحاكم في مسائل الاجتهاد (¬2) .

ثانيا : قوله "كفرا بواحا" من المحتمل أن يكون المقصود بالكفر البواح هو : المعصية الظاهرة، ويقوي هذا الاحتمال عدة أدلة منها :

1- التصريح بالمعصية في رواية ابن حيان : (إلا أن يكون معصية) (¬3) ، وعنده أيضا : (إلا أن تكون معصية لله بواحا) (¬4) .

ورواه الإمام أحمد بلفظ "إثم" (ما لم يأمروك بإثم بواحا) (¬5) ، وكلمة "الإثم" مرادفة لكلمة "المعصية".

2- الكفر بمعنى الخروج من الملة أمره قلبي، لا يرى بالعين، وبالتالي فإن كلمة (تروا) من قوله صلى الله عليه وسلم (إلا أن تروا كفرا بواحا) تدل على آثار الكفر، وهي فعل المنهيات وترك الواجبات وهي ما يعبر عنها الفقهاء بالمعصية أو الإثم.

3- عبر الشارع الحكيم بكلمة "كفر" وأراد بها المعاصي المفسقة مثل

ا- قال تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) (¬6) .

ب- وقال صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر). (¬7)

4- فسر بعض العلماء كلمة "الكفر" الواردة في الحديث بالمعصية.

¬__________

(¬1) أنظر : ابن حجر (فتح الباري)، ج14، ص 497، والنووي (شرح صحيح مسلم)، ج12، ص 428.

(¬2) أبو الهدى (الأمة والسلطة)، ص 43.

(¬3) صحيح ابن حبان)، ج10، ص 425، ك 21، ب3، برقم 4562 وباسناد حسن.

(¬4) المرجع السابق، برقم 4566، وباسناد حسن.

(¬5) ابن حنبل (المسند)، ج5، ص 321.

(¬6) سورة النساء، آية رقم 97.

(¬7) رواه البخاري: ابن حجر (فتح الباري)، ج1، ص 151، ك1، ب 37، برقم 48. ومسلم: النووي (شرح صحيح مسلم)، ج1، ص 242، ك1، ب 28 برقم 218.

Page 180