173

Ighāthat al-lahfān fī maṣāyid al-shayṭān - taḥqīq al-Faqī

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ت الفقي

Editor

محمد حامد الفقي

Publisher

مكتبة المعارف،الرياض

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

فصل
وأما ما أفتى به الحسن وإبراهيم النخعى ومالك، فى إحدى الروايتين عنه: أن من شك هل انتقض وضوءه أم لا؟ وجب عليه أن يتوضأ احتياطًا، ولا يدخل فى الصلاة بطهارة مشكوك فيها فهذه مسألة نزاع بين الفقهاء.
وقد قال الجمهور، منهم الشافعى، وأحمد، وأبو حنيفة، وأصحابهم، ومالك فى الرواية الأخرى عنه: إنه لا يجب عليه الوضوء، وله أن يصلى بذلك الوضوء الذى تيقنه وشك فى انتقاضه.
واحتجوا بما رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:
"إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فى بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَىْ أمْ لاَ؟ فَلاَ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا".
وهذا يعم المصلى وغيره.
وأصحاب القول الأول يقولون: الصلاة ثابته فى ذمته بيقين، وهو يشك فى براءة الذمة منها بهذا الوضوء، فإنه على تقدير بقائه هى صحيحة، وعلى تقدير انتقاضه باطلة، فلم يتيقن براءة ذمته، ولأنه شك فى شرط الصلاة: هل هو ثابت أم لا؟ فلا يدخل فيها بالشك.
والآخرون يجيبون عن هذا بأنها صلاة مستندة إلى طهارة معلومة قد شك فى بطلانها فلا يلتفت إلى الشك، ولا يزيل اليقين به، كما لو شك: هل أصاب ثوبه أو بدنه نجاسة؟ فإنه لا يجب عليه غسله، وقد دخل فى الصلاة بالشك.
ففرقوا بينهما بفرقين.
أحدهما: أن اجتناب النجاسة ليس بشرط. ولهذا لا يجب نيته، وإنما هو مانع، والأصل عدمه، بخلاف الوضوء، فإنه شرط، وقد شك فى ثبوته، فأين هذا من هذا؟.
الثانى: أنه قد كان قبل الوضوء محدثًا، وهو الأصل فيه. فإذا شك فى بقائه كان ذلك رجوعًا إلى الأصل. وليس الأصل فيه النجاسة، حتى نقول: إذا شك فى حصولها رجعنا إلى أصل النجاسة، فهنا يرجع إلى أصل الطهارة، وهناك يرجع إلى أصل الحدث.

1 / 175