279

Īḍāḥ al-tawḥīd bi-nūr al-tawḥīd li-Saʿīd al-Ghaythī

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

Genres

والجهل لغة نقيض العلم، وفي الاصطلاح قسمان: بسيط وهو عدم العلم بالشيء أصلا، عما من شأنه العلم، بحيث لم يتصور ولم يخطر بباله؛ ومركب وهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع.

قال الباجوري: «وإنما سمى مركبا لاستلزامه جهلين: جهلمه بالشيء وجهله بأنه جاهل» وفي ذلك قيل:

جهلت وما تدري بأنك جاهل ... ... ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري

وقوله: «مالم تقم على العبد حجة وجوبه»، أي: لما تقدم من أن قيام الحجة من شروط التكليف فلا يكون العبد مكلفا في شيء ما إلا بعد قيام الحجة عليه به، والحجة هي ما يقع بها حقيقة الشيء المنظور به.

قال المصنف: «وما لا يسع جهله وهو ما قامت عليه حجة وجوبه عليه، وهو قسمان: عقلي وهو ما يدرك بالعقل، وشرعي وهو ما يدرك بسماع الشرع».

أقول يعني بقوله: «وما لا يسع جهله» أي: لقطع عذره بقيام الحجة عليه، وقوله: «وهو ما قامت عليه حجة وجوبه عليه» بيان قوله: «وما لا يسع جهله». وقوله: «وهو قسمان (بكسر القاف)» تثنية قسم بكسر القاف وسكون السين أيضا، فأحدهما عقلي أي منسوب إلى العقل، والعقل نور في بدن الآدمي يضيء به طريق يبتدئ به من حيث ينتهي إليه درك الحواس، فيبدو به المطلوب للقلب فيدرك القلب بتوفيق الله، وهو كالشمس في الملكوت الظاهر، وقيل غير ذلك.

واختلفوا في محله، فذهب أبو حنيفة وجماعة من الأطباء إلى أن محله الدماغ، وذهب الشافعي وأكثر المتكلمين إلى أن محله القلب، وهو ظاهر مذهب ابي سعيد t، وهو الصحيح لظاهر قوله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (¬1) .

¬__________

(¬1) - ... سورة الحج: 46.

Page 281