Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Genres
قال أبو الفرج: «وأقام ابن عطية بالمدينة شهرا وأبو حمزة مقيم بمكة، ثم توجه، فقال علي بن الحصين العبدي لأبي حمزة: إني كنت أشرت إليك يوم قديد وقبله أن تقتل الأسرى فلم تفعل حتى قتلوا المفضل وأصحابنا المقيمين معه بالمدينة، وأنا أشير عليك الآن أن تضع السيف في أهل مكة فإنهم كفرة فجرة، ولو قدم ابن عطية لكانوا أشد عليك من أهل المدينة. فقال: لا أرى ذلك لأنهم قد دخلوا في الطاعة وأقروا بالحكم ووجب عليهم حق الولاية، فقال: إنهم سيغدرون، فقال: {ومن نكث فإنما ينكث على نفسه} (¬1) ، وقدم ابن عطية مكة فصير أصحابه فرقتين، ولقي الخوارج من وجهين، فكان هو بإزاء أبي حمزة في أسفل مكة، وجعل طائفة أخرى بالأبطح أزاء أبرهة ابن الصباح، فقتل أبرهة كمن له ابن رهبان، وهو على خيل دمشق، فقتله عند بئر ميمون. والتقى ابن عطية بأبي حمزة فخرج أهل مكة بأجمعهم مع ابن عطية:
أنا الجديعا وبنت الأعلم ... ... من سال عن اسمي فاسمي مريم
بعت سواري بعضب مخدم
وقتلت الخوارج قتلا ذريعا وأسر منهم أربعمائة فقال لهم ابن عطية: ويلكم ما دعاكم إلى الخروج مع هذا؟ فقالوا: ضمن لنا الكنة - يريدون الجنة - فقتلتهم كلهم، وصلب أبا حمزة وأبرهة بن الصباح على شعب الخيف، ودخل على ابن الحصين دارا من دور قريش، فأحدق أهل الشام بها فأحرقوها، فرمى بنفسه عليهم وقتلهم، فأسر وقتل وصلب مع أبي حمزة، فما يزالوا مصلوبين حتى أفضى الأمر إلى بني هاشم فنزلو في خلافة أبي العباس».
¬__________
(¬1) - ... سورة الفتح: 10.
Page 134