Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Genres
قال أبو الفرج: «فأما خطبتا أبي حمزة المشهورتان اللتان خطب بهما في المدينة فإن أحدهما قوله: «تعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا ولا عبثا ولا لهوا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا، ولكن لما رأينا مصابيح الحق قد أطفئت، ومعالم العدل قد عطلت، وعنف القائم بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله، {ومن لم يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض} (¬1) أقبلنا من قبائل شتى، النفر منا على البعير الواحد، وعليه زادهم يتعاورون لحافا واحدا، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، وأصبحنا والله المحمود من أهل فضله ونعمته، ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، فدعونا إلى طاعة الشيطان وحكم مروان، فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد، ثم أقبلوا يزفون ويهرعون، وقد ضرب الشيطان فيهم بجرانه، وصدق عليهم إبليس ظنه؛ وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون، وأيم الله يا أهل المدينة إن تنصروا مروان وآل مروان فيسحتكم الله بعذاب من عنده وبأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنين.
يا أهل المدينة، الناس منا ونحن منهم، إلا مشركا عباد (¬2) وثن، أو كافرا من أهل الكتاب، أو إماما جائرا.
يا أهل المدينة، من يزعم أن الله تعالى كلف نفسا فوق طاقتها، وسألها عما لم يؤتها فهو لنا حرب.
يا أهل المدينة، أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله في كتابه على القوي والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها سهم فأخذها جميعها لنفسه مكابرا محرابا لربه، ما تقولون فيه، وفيمن عاونه على فعله؟.
¬__________
(¬1) - ... سورة الأحقاف: 32.
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «عابد وثن».
Page 125