275

وأما قول من قال منهم: إن لفظة الاعتزال ما وردت في الكتاب والسنة إلا صفة مدح فذلك دليل على أنهم لم يحيطوا بعلم ألفاظ القرآن فضلا عن معانيه لأن الله تعالى قد وصف الكفار بالاعتزال في قوله تعالى{فإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}(الدخان:21) ونحو ذلك مما يدل أنه لا مدح في لقب الاعتزال لمن اعتزل الحق وأهله واكتفى في الدين بنفسه واعتمد فيه على رأيه.

وأما قولهم: إن خطأ المعتزلة في الإمامة صغير بالنظر إلى ما وضعوا في العدل والتوحيد فذلك مبني على القول بالموازنة دون الإحباط وقد قدمنا في إبطاله ما فيه كفاية. وحكى صاحب المسفر عن الناصر للحق الحسن بن علي عليه السلام جوابه عن تعمقات الفلاسفة ثم قال وخص بالإنكار المعتزلة لأنهم خائضون فيما دق عليهم ولم يكلفوه وهم معروفون به، فقال عليه السلام في كتاب الكفر والإيمان: ثم انصدعت من هذه الملة طائفة تحلت باسم الاعتزال استهواها واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد إلى قوله ولأن غرضه عليه السلام ترك الخوض فيما دق والقول على الله ما لا يعلم وقد قال تعالى{ويخلق مالاتعلمون}(النحل:08) إلى قوله وتكلموا من دقيق الكلام بما لم يكلفوا وبما لعل حواسهم خلقت مقصرة عن إدراك حقيقتها وعاجزة عن قصد السبيل فيها. وقالت المجبرة: بل هي الناجية لقوله صلى الله علي وآله وسلم:(عليكم بالسواد الأعظم)، ويقولون هم المتمسكون بالسنة والجماعة ويلقبون نفوسهم بالسنية.

الجواب: أن المراد بالأعظم في الخبر الأعظم عند الله وليس كذلك إلا الذين حكم الله بنجاتهم وأبان أنهم على الحق وأوجب التمسك بهم كالتمسك بالكتاب وهذه صفات عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا غيرهم كما بيناه بالأدلة القطعية.

Page 332