141

والدليل على ذلك المذهب الصحيح وهو مذهب العدلية أن الرضى والمحبة يرجعان إلى الإرادة كما ذكرنا أنها أسماء مترادفة بدليل أنه لا يصح نفي بعضها وإثبات الآخر ومعلوم أن إرادة القبيح قبيحة والله تعالى لا يفعل القبيح هذا الأصل قد قام الدليل عليه، وأما الأصل الذي قبله وهو أن إرادة القبيح قبيحة فقد أخذ في بيان دليله فقال: والذي يدل على أن إرادة القبيح قبيحة هو ما نعلمه في الشاهد مما لا خلاف فيه ولهذا إن العقلاء يذمون من أراد القبيح كما يذمون من فعله وتسقط منزلة المريد للقبيح كما تسقط منزلة من فعله فلو أخبر عن نفسه مخبر وهو من أهل العفة والصلاح أنه يريد القبائح ويحبها لا على معنى أنه يشتهيها بل على معنى الإرادة الحقيقية، تبادرت العقلاء إلى ذمه وسقطت منزلته عندهم وذلك ظاهر لكل عاقل وقد جاء السمع بتأييد ما ذهبنا إليه في أصل المسألة قال تعالى{ولا يرضى لعباده الكفر}(الزمر:07) وقال تعالى{وما الله يريد ظلما للعباد}(غافر:31) وقال تعالى{والله لا يحب الفساد}(البقرة:205) فنفى عن نفسه إرادة ما ذكر فلا يجوز إثبات ما نفاه (الله تعالى) لأنه يكون تكذيبا للصادق وذلك لا يجوز، وقد أثبت لنفسه كراهة المعاصي فقال تعالى{كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها}(الإسراء:38) ،فإذا كان كارها لها بطل أن يكون مريدا لها.

Page 169