Al-Īḍāḥ fī ʿulūm al-balāgha - Iḥyāʾ al-ʿulūm
الإيضاح في علوم البلاغة - إحياء العلوم
Editor
محمد عبد المنعم خفاجي
Publisher
دار الجيل
Edition
الثالثة
Publisher Location
بيروت
والتعليل الأول١ أعم؛ لأن الجملة الإنشائية قد لا تكون طلبية كقولنا: نعم الرجل زيد، وبئس الصاحب عمرو، وربما يقوم بكر، وكم غلام ملكت، وعسى أن يجيء سشر، وما أحسن خالدًا، وصيغ العقود نحو بعت واشتريت، فإن هذه كلها إنشائية وليس شيء منها بطلبي ولامتناع وقوع الإنشائية صفة أو خبرًا قيل في قوله:
حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط٢
تقديره جاءوا بمذق مقول عنده هذا القول، أي بمدق يحمل رائيه أن يقول لمن يريد وصفه له: هل رأيت الذئب قط، فهل مثله في اللون لإيراده في خيال الرائي لون الذئب لورقته. وفي مثل قولنا: زيد اضربه أولا تضربه تقديره مقول في حقه "اضربه أو لا تضربه".
١ وهو أن الجملة الواقعة صفة في المعنى حكم على صاحبها كالخبر فلم يستقم أن تكون إنشائية مثله، وهو تعليل الخطيب، وهو اسم من تعليل السكاكي.
٢ البيت للعجاج الراجز يصف قومًا أضافوا وأطالوا عليه ثم أتوه بلبن مخلوط بالماء يشبه لون الذئب.
توكيد المسند إليه:
وأما توكيده: فالتقرير١ كما سيأتي في "باب تقديم الفعل وتأخيره".
١ أي تقرير المسند إليه أي تحقيق مفهومه ومدلوله، أي جعله ثابتًا محققًا مستقرًّا بحيث لا يظن به غيره، نحو جاءني زيد زيد إذا ظن المتكلم غفلة السامع عن سماع لفظ المسند إليه أو عن حمله على معناه. وقيل: المراد تقرير الحكم نحو أنا عرفت، أو المحكوم عليه، نحو أنا سعيت في حاجتك وحدي أو لا غير، وفيه نظر؛ لأن المثال الأخير الذي هو لتقرير المحكوم عليه ليس من تأكيد المسند إليه في شيء؛ لأن وحدي حال، ولا غيري عطف على المسند إليه. فليسا من التأكيد الاصطلاحي كما هو المراد ولو سلم أن المراد بالتأكيد هنا ما هو أعم من الاصطلاحي فلا نسلم وجود تأكيد المسند إليه في المثالين بل فيهما تأكيد التخصيص، أما "أنا عرفت" وهو المثال الأول الذي هو لتقرير الحكم فليس أيضًا من تأكيد المسند إليه؛ لأن تأكيد المسند إليه لا يكون لتقرير الحكم فقط؛ لأن تقرير الحكم في "أنا عرفت" إنما هو من تقديم المسند إليه، وهذا الرد مبني على أن المراد بالتأكيد هنا أعم من المعنى الاصطلاحي.
2 / 43