158

Idah Dalil

إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل

Investigator

وهبي سليمان غاوجي الألباني

Publisher

دار السلام للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠هـ - ١٩٩٠م

Publisher Location

مصر

وَاعْلَم أَن الجحدة طعنوا فِي قصَّة مُوسَى هَذِه وَفِي رِوَايَتهَا ونقلها وَقَالُوا كَيفَ جَازَ لنَبِيّ أَن يفعل ذَلِك مَعَ ملك أرْسلهُ الله إِلَيْهِ ويستعصي عَلَيْهِ وَلَا يمتثل أَمر الله تَعَالَى وَكَيف سَاغَ للْملك أَن يُؤَخِّرهُ لَا يمْضِي أَمر الله تَعَالَى فِيهِ وكل ذَلِك خَارج عَن الْعَادة فِي أمثالهم وَسَببه تطريق الاستحالة مِنْهُم وَجَوَاب ذَلِك أَن مُوسَى ﵇ بشر يكره الْمَوْت لما فِي طباع البشرية من كراهيته فَلَمَّا رأى صُورَة بشرية هجمت عَلَيْهِ من غير إِذن تُرِيدُ نَفسه وَظهر لَهُ مِنْهُ ذَلِك وَهُوَ لَا يعرفهُ وَلَا يتَيَقَّن أَنه ملك الْمَوْت وَكَانَ فِيهِ ﵇ شهامة وحدة عمد إِلَى دَفعه عَن نَفسه بِيَدِهِ وَكَانَ فِي ذَلِك ذهَاب عينه وَقد جرت شرائع الله تَعَالَى بِحِفْظ النُّفُوس وَدفع الضَّرَر عَنْهَا وَقد امتحن غير وَاحِد من الْأَنْبِيَاء بِدُخُول الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم فِي صُورَة الْبشر كإبراهيم وَدَاوُد وَلُوط ﵈ وَتبين لَهُم بعد ذَلِك أَنهم مَلَائِكَة وَكَذَلِكَ نَبينَا ﷺ لما جَاءَهُ جِبْرِيل ﵇ فِي أول الْوَحْي وَلما جَاءَهُ ثَانِيًا وَسَأَلَهُ عَن الْإِيمَان فِي صُورَة رجل فَلَمَّا ذهب وَتبين أمره أخبر أَنه جِبْرِيل وَكَذَلِكَ مُوسَى ﵇ لما تبين أَن الَّذِي جَاءَهُ ملك استسلم لأمر الله تَعَالَى فالتردد هُنَا تَمْثِيل وتقريب لفهم السَّامع وَالْمرَاد بِهِ الْأَسْبَاب والوسائط لِأَن البداء والتردد على الله تَعَالَى محَال الحَدِيث السَّادِس عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ مَا تصدق أحد بصدقه من طيب وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب إِلَّا أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ وَإِن كَانَت تَمْرَة فتربو فِي كف الرَّحْمَن حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل وَعنهُ أَيْضا يَمِين الله ملأى لَا يغيضها نَفَقَة سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار

1 / 166