وذلك أن التيمم لا ينقضه إلا العلم بوجود الماء، فكذلك لا يوجبه إلا العلم بعدم الماء، وكذلك في استعداد الماء إن استعدت له امرأته أو خادمه أو أجيره، وأما غيرهم من الناس إن قال له: قد استعددت لك الماء لصلاتك أو الأداة التي يصل بها إلى الماء فإنه لا يجزيه إلا إن كان أمينا وقيل يجزيه كل من يصدقه في ذلك والأصل في هذا اختلافهم، هل يكون حجة أم لا؟ وإن خرج من منزله إلى الحرث أو إلى الحصاد أو إلى حاجة فيما دون ستة أميال ولم يستعد الماء لصلاته وقد عرف البئر هنالك أو العين فخرج وأتاهما فوجد البئر قد انهدم أو العين قد غارت ويخاف خروج الوقت إن اشتغل بطلب الماء؟ فإنهم اختلفوا هل يجزيه التيمم أم لا؟ وسبب اختلافهم عندي هل هو مضيع أم لا؟ وكذلك إن خرج من منزله وقد تطهر لصلاته أو حمل معه الماء لصلاته فانتقضت عليه طهارته أو تلف ما حمل معه من الماء قبل أن يصلي فإنه لا يجزيه التيمم إن ضيع مقدار ما يصلي فيه ولو لم يجد الماء، وإن لم يضيع مقدار ما يصلي فيه فإنه يجزيه التيمم إن خاف فوات الوقت إن اشتغل بطلب الماء، وقال بعضهم: يجزيه إن لم يمكنه الرجوع إلى أهله ولو ضيع مقدار ما يصلي فيه، ولعل هؤلاء لم يكن مضيعا عندهم، إلا إذا لم يبق في الوقت مقدار ما يصلي فيه والله أعلم.
Page 292