Al-Iʿtiṣām li-l-Shāṭibī muwāfiq li-l-maṭbūʿ
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Editor
سليم بن عيد الهلالي
Publisher
دار ابن عفان
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Publisher Location
السعودية
ثُمَّ عَدَّ مِنَ الْمَفَاسِدِ فِي مُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ يَرْمِيهِمْ بِالتَّجْهِيلِ وَالتَّضْلِيلِ، وَهَذَا دَعْوَى مَنْ خَالَفَهُ فِيمَا قَالَ، وَعَلَى تَسْلِيمِهَا؛ فَلَيْسَتْ بِمَفْسَدَةٍ عَلَى فَرْضِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ السَّلَفِ الْحَضُّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْحَقِّ وَعَدَمِ الِاسْتِيحَاشِ مِنْ قِلَّةِ أَهْلِهِ.
وَأَيْضًا؛ فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى الْمُبْتَدَعِ بِلَفْظِ الِابْتِدَاعِ، فَأَطْلَقَ الْعِبَارَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَمَعِينَ يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلدُّعَاءِ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ. . . . إِلَى نَظَائِرِهَا؛ فَتَشْنِيعُهُ حَقٌّ كَمَا يَقُولُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ بِذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فِي حَدِيثِ: «مَنْ قَالَ: هَلَكَ النَّاسُ؛ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ»؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ تَرَفُّعًا عَلَى النَّاسِ وَاسْتِحْقَارًا، وَأَمَّا إِنْ قَالَهُ تَحَزُّنًا وَتَحَسُّرًا؛ فَلَا بَأْسَ. قَالَ [ـهُ] بَعْضُهُمْ.
وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ نُعَرِّجَ عَلَى ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ.
وَعُدَّ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْخَوْفُ مِنْ فَسَادِ نِيَّتِهِ بِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُجْبِ وَالشُّهْرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا!! فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: اتْرُكْ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ فِي زَمَانِ الْغُرْبَةِ خَوْفَ الشُّهْرَةِ وَدُخُولِ الْعُجْبِ!!.
وَهَذَا شَدِيدٌ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ بِمِثْلِهِ؛ فَإِنَّ انْتِصَابَهُ لِأَنْ يَكُونُ دَاعِيًا لِلنَّاسِ بِأَثَرِ صَلَوَاتِهِمْ دَائِمًا مَظِنَّةً لِفَسَادِ نِيَّتِهِ بِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُجْبِ وَالشُّهْرَةِ، وَهُوَ تَعْلِيلُ الْقَرَافِيِّ، وَهُوَ أَوْلَى؛ فِي طَرِيقِ الِاتِّبَاعِ، فَصَارَ تَرْكُهُ لِلدُّعَاءِ لَهُمْ مَقْرُونًا بِالِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ الدَّاعِي؛ فَإِنَّهُ فِي غَيْرِ طَرِيقِ مَنْ تَقَدَّمَ، فَهُوَ أَقْرَبُ
1 / 463