وَيُكَفِّرَ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢]، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمِينًا حَلَفَ ﵇ بِهَا.
وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا التَّحْرِيمِ:
فَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّ [مَا] كَانَ تَحْرِيمًا لِأُمِّ وَلَدِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ الْحَسَنُ وَقَتَاَدَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
أَوْ كَانَ تَحْرِيمًا لِعَسَلِ زَيْنَبَ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّمَا كَانَ تَحْرِيمًا بِيَمِينٍ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ حَرَّمَهَا - يَعْنِي: جَارِيَتَهُ - بِيَمِينِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ؛ فَقَدْ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالْيَمِينِ، فَإِذَا غَشِيَهَا؛ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ "، ثُمَّ أَتَى بِمَسْأَلَةِ ابْنِ مُقَرِّنٍ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ شُرْبَ الْعَسَلِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ فِيهِ: " شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، فَلَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا "، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَالْعَسَلِ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَارِيَةِ كَيْفَ (مَا) كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمِ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ.
وَأَمَّا إِنْ فَرَضْنَا أَنَّ آيَةَ الْعُقُودِ هِيَ السَّابِقَةُ عَلَى آيَةِ التَّحْرِيمِ؛