Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Investigator
سليم بن عيد الهلالي
Publisher
دار ابن عفان
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Publisher Location
السعودية
(وَ) مَنْ أَرَادَ أَنْ يَزْدَرِيَ النَّاسَ كُلَّهُمْ؛ فَلْيَنْظُرْ فِي النَّحْوِ ".
وَنَقَلَ نَحْوًا مِنْ هَذِهِ.
وَهَذِهِ كُلُّهَا لَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الذَّمِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذَمَّ النَّحْوُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِدْعَةٌ، بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يُكْتَسَبُ بِهِ أَمْرٌ زَائِدٌ؛ كَمَا يُذَمُّ سَائِرُ عُلَمَاءِ السُّوءِ؛ لَا لِأَجْلِ عُلُومِهِمْ، بَلْ لِأَجْلِ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ بِالْعَرَضِ مِنَ الْكِبْرِ بِهِ وَالْعُجْبِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْعِلْمِ بِدْعَةً.
فَتَسْمِيَةُ الْعُلُومِ الَّتِي يُكْتَسَبُ بِهَا أَمْرٌ مَذْمُومٌ بِدَعًا إِمَّا عَلَى الْمَجَازِ الْمَحْضِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهَا أَوَّلًا ثُمَّ احْتِيجَ بَعْدُ، أَوْ مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِمَوْضُوعِ الْبِدْعَةِ، إِذْ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُدَاخِلُ صَاحِبَهَا الْكِبْرُ وَالزَّهْوُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يَعُودُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِذَمٍّ.
وَمِمَّا حَكَى بَعْضُ هَذِهِ الْمُتَصَوِّفَةِ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْخَلَفِ قَالَ: " الْعُلُومُ تِسْعَةٌ، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا سُنَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَخَمْسَةٌ مُحْدَثَةٌ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِيمَا سَلَفَ، فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْمَعْرُوفَةُ: فَعِلْمُ الْإِيمَانِ، وَعِلْمُ الْقُرْآنِ، وَعِلْمُ الْآثَارِ، وَالْفَتَاوَى، وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْمُحْدَثَةُ: فَالنَّحْوُ، وَالْعَرُوضُ، وَعِلْمُ الْمَقَايِيسِ، وَالْجَدَلِ فِي الْفِقْهِ، وَعِلْمُ الْمَعْقُولِ بِالنَّظَرِ ". انْتَهَى.
وَهَذَا - إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ - فَلَيْسَ أَوَّلًا كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ يَحْكُونَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِي النَّحْوِ حِينَ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا قَارِئًا يَقْرَأُ: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ـ؛ بِالْجَرِّ.
1 / 254