217

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigator

سليم بن عيد الهلالي

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Publisher Location

السعودية

فَسُرَّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى قَالَ: «مَن سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً. .». . . الْحَدِيثَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ هَاهُنَا مِثْلُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الصَّحَابِيُّ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ سُنَّةً، وَأَنَّ الْحَدِيثَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بِعْدِي» الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ «وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً»، فَجَعَلَ مُقَابِلَ تِلْكَ السُّنَّةِ الِابْتِدَاعَ، فَظَهَرَ أَنَّ السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ لَيْسَتْ بِمُبْتَدَعَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي.» وَوَجْهُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ; لِأَنَّهُ ﷺ لَمَّا مَضَى عَلَى الصَّدَقَةِ أَوَّلًا ثُمَّ جَاءَ ذَلِكَ الْأَنْصَارِيُّ بِمَا جَاءَ بِهِ فَانْثَالَ بَعْدَهُ الْعَطَاءُ إِلَى الْكِفَايَةِ، فَكَأَنَّهَا كَانَتْ سُنَّةً أَيْقَظَهَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِفِعْلِهِ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ: مَنِ اخْتَرَعَ سُنَّةً وَابْتَدَعَهَا وَلَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً. وَنَحْوَ (هَذَا) الْحَدِيثِ فِي " رَقَائِقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ " مِمَّا يُوضِّحُ مَعْنَاهُ عَنْ حُذَيْفَةَ: قَالَ: «قَامَ سَائِلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا أَعْطَاهُ، فَأَعْطَاهُ الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَنِ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ; فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ اسْتَنَّ شَرًّا فَاسْتُنَّ بِهِ; فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ تَبِعَهُ غَيْرَ مُنْتَقِصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا.»

1 / 235